[أصله:(تَطَيَّرْنَا) أُدْغِمَتِ التاءُ فِي الطاءِ]، وهَذَا الإدغام عَلَى غير خلافِ القَاعِدةِ، إذ إن الإدغام بين الساكنِ والمتحرِّك، وهَذَا بين متحركينِ، فَأُدْغِمَت التاء فِي الطاء، ولمَّا أُدغمت التاء فِي الطاء صار الحرف الأول منهما ساكنًا، ويلاحظ أيضًا أَنَّهُ بَعْد الإدغام قُلِبَتِ التاءُ طاءً، والساكن لا يمكن الابتداء به فاجتُلبتِ الهمزةُ لتسهيلِ النطقِ به، ولهَذَا قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[واجتلبت همزة الوصلِ]، لتسهيل النطقِ بالساكنِ.
ومعنى {اطَّيَّرْنَا} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: تَشَاءَ مْنَا]، من الشؤمِ، والشؤم معناه: توقُّع الشَّرّ من مُشَاهَدٍ أو مسموعٍ أو زمن أو حال، ولهَذَا قَالُوا: إن التطيُّر مأخوذٌ من الطيرِ، وكانوا فِي الجاهلية يَتشاءمون بالطيورِ، وعندهم قواعد لهَذَا التشاؤمِ، فيَبعثونها؛ فإذا ذهبت يمينًا يتفاءلون أو يسارًا يتشاءمون، أو أمامًا أظن يعيدونها مرة ثانية، وخلفًا يتشاءمون أكثر، فلذلك سُمِّي هَذَا التشاؤم تطيّرًا، مأخوذ من الطير؛ لِأَنَّ غالب تشاؤم العرب بها، فهم يَقُولُونَ:{اطَّيَّرْنَا بِكَ} أي: تشاءمنا، وَكَانَ مجيئك شُؤمًا علينا أنت وأتباعك.
إِذَنْ: ما هُوَ التطيُّر؟
هُوَ التشاؤم بمرئيٍّ أو مسموعٍ أو زمان أو مكان أو حال التشاؤم، بمرئيٍّ: كَأَنْ يرى الْإِنْسَان شيئًا فيتشاءم، افرض أَنَّهُ مثلًا أرادَ أن يسافرَ فقابله إِنْسَانٌ هو يَكْرَهه، قَالَ: إذن رَجَعنا. أو هَمَّ أن يسافر فلما خرج سمِع رجلًا يَقُول: مات فلان بن فلان، قَالَ: إذن رجعنا. فهَذَا تشاؤُمٌ بمسموعٍ. أو زمان: يتشاءم بيومٍ من الأيام؛ بيوم الأربعاءِ، يوم الخميس، أو شهر من الشهور؛ كشهر شوال، وكان العرب يتشاءمون بشهر شوال فِي الزواجات، يَقُولُونَ: الَّذِي يتزوَّج فِي شهر شوال ما يوفَّق، لكِن