للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عائشة أبطلتْ ذلك بالواقعِ، قالت: "إِنَّ الرَّسُولَ. عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَزَوَّجَهَا فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِهَا فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّكُنَّ كَانْتَ أَحْظَى عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " (١).

إِذَنْ: ينبغي إن أردنا أن نعملَ بالتشاؤمِ أو التفاؤلِ أن نتفاءل بشهر شوال، ولكِن مَعَ ذلك لا نتفاءل بالزمانِ ولا نتطير به، فالخيرُ والشرُّ بيدِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ومنهم من يتشاءم بالمكانِ؛ فتجده مثلًا يريد أن يجلسَ فِي هَذَا المكان ثُمَّ تَبُطُّه شوكةٌ، يَقُول: إذن قُمنا، هَذَا لا يمكن أن نجلسَ فيه. أو يتشاءم بالحالِ؛ حال الشخصِ مثلًا، فالتشاؤم بالحالِ أيضًا هَذَا تطيُّر، ولا يجوز، فقد يعمل مثلًا الْإِنْسَان عملًا فيعاكسه فِي أوَّل أمرِهِ، أو مثلًا يَهُمُّ أن يفعلَ شيئًا غدًا وإذا كَانَ الغد إذا هُوَ معه بعضُ التعبِ والعجز، فيتشاءم وَيعْدِل بسببِ هَذِهِ الأحوالِ الَّتِي تعرِض له، فنَقُول: كُلّ هَذَا لا يجوزُ، أنت إذا عزمتَ فتوكَّل عَلَى اللهِ، "اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، ولا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ" (٢)، فالْإِنْسَانُ مِثْلَمَا قَالَ القُرْطُبِيُّ - وكذلك غيرُه من أهل العلمِ-: الَّذِي يُعَلِّق تصرفاته بمثلِ هَذِهِ الأُمُورِ فَهُوَ من أجهلِ النَّاسِ حقيقة، ثُمَّ إنَّهُ ما يمكِن أن يمشيَ له حال إذا كَانَ ينظر إِلَى هَذِهِ الأَشْيَاء.

ولكِن يلاحظ أن الفألَ الَّذِي يُعين عَلَى فعلِ الخيرِ لا يدخل فِي هَذَا الأَمْرِ، فكَانَ الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُعْجِبُه الفأل ولكِنه يَكْرَهُ الطِّيَرَةَ (٣)؛ لِأَنَّ الطيرةَ فيها


(١) رواه مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه، حديث رقم (١٤٢٣).
(٢) أخرجه أحمد (١١/ ٦٢٣) (٧٠٤٥) مسند عبد الله بن عمرو.
(٣) انظر: صحيح البخاري، كتاب الطب، باب الفأل، حديث رقم (٥٤٢٤)؛ صحيح مسلم، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فِيهِ من الشؤم، حديث رقم (٢٢٢٤)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>