للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صار أناس من أهل العلمِ فِي البلادِ الَّتِي ظهرتْ فيها هَذِهِ البدعة، صاروا يدعون إليها ويزعمون أن الْقُرْآن والسنّة دلّا عليها، ويأتون بآيَات تدلّ عَلَى هَذَا، مثل: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: ٢٨]، قَالَ تَعَالَى: {فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} أنتم سواء فِي الرِّزق، والنَّاسُ شركاء فِي ثلاثٍ (١)، وهَكَذَا، وبدؤوا يحرّفون فِي الكِتاب والسنّة؛ لِأَنَّهُم علماء دولة، لا علماء مِلة، وهَذَا كثير أيضًا. وفيه أيضًا مُحَدِّثُون دولة، كغِيَاثِ بنِ إبراهيمَ الذي زاد في الحديث لِأجلِ المَهْدِيّ في حديث: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ" (٢) وماذا تريد يا مهدي؟ (أو جَنَاح) (٣).

فالحاصل: أن هَذَا بلاء، لكِن المُراد بالعلم الممدوح هُوَ العلم المؤثِّر للعمل والدَّعْوَة، والحقيقة أن مَقام طلبة العلم لَيْسَ مَقام علم فقطْ وَيكُون العلمُ قابعًا فِي صُدُورهم ولم يكنْ هناك دعوة، أنت الْآنَ وارث للأنبياء، "الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأنبِياء" (٤)، فادع إِلَى الله، ادعُ مثلما دعا الأَنْبِياء إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، اعْلَمْ ثُمَّ ادْعُ، لا نَقُول: ادعُ


(١) أخرج أبو داود: أبواب الإجارة، باب في منع الماء، رقم (٣٤٧٧) عن رجل من المهاجرين: "المُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالمَاءِ، وَالنَّارِ". ونحوه في ابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كتاب الرهون، باب المسلمون شركاء في ثلاث، رقم (٢٤٧٢).
(٢) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في السبق، حديث رقم (٢٥٧٤)؛ والنسائي، كتاب الخيل، باب السبق، حديث رقم (٣٥٨٥)؛ والترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث رقم (١٧٠٠)، وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب السبق والرهان، حديث رقم (٢٨٧٨)؛ وأحمد (٢/ ٢٥٦) (٧٤٧٦)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) تاريخ الإسلام للذهبي (١٠/ ٣٨٩).
(٤) أخرجه أبو داود: كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم (٣٦٤١)، والترمذي: أبواب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم (٢٦٨٢)، وابن ماجه: افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم (٢٢٣).

<<  <   >  >>