للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} هم]، هَذَا المَفْعُول قَدَّره المُفَسِّر.

وقوله: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} هل هُوَ داخل فِي ضمن المَقُول، يَعْنِي: قلِ: الحمدُ للهِ وقلْ: سلامٌ عَلَى عِبَادِه الَّذِينَ اصطفَى، فيَكُون الْإِنْسَان مأمورًا بالثَّناء بحمدِ اللهِ وبالدعاءِ عَلَى عبادِ اللهِ الَّذِينَ اصطفاهم بالدعاء لهم، لِقَوْلِهِ: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}، أو هِيَ جملةٌ مُسْتَقِلَّة خبرٌ منَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بأنه سَلَّمَ مَنِ اصطفاهُ وأنجاه؟

فِيهِ احتمالٌ للأمرينِ، لكِن أيُّهما أقربُ إِلَى السياق؟

لا يترجح عندي أحدُ الاحتمالينِ؛ لِأَنَّ لكل منهما وَجْهًا، فالْإِنْسَان مأمور أن يحمدَ اللهَ ومأمورٌ بأن يُسَلِّمَ عَلَى عبادِ اللهِ.

وكذلك أيضًا الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى محمودٌ عَلَى كمالِ صِفاتِه. ثُمَّ إخباره بأنه سَلَّمَ هَؤُلَاءِ هَذَا أيضًا مما يُحْمَد عليه؛ لِأَنَّ زوالَ النَقّمَ كجَلْبِ النِّعَمِ، وَيكُون فِي هَذَا فائدةٌ، وَهي أن العبادَ الَّذِينَ اصطفاهم الله قد أحلَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فلا ينالهم ما ينالُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار، ويَكُون الله تَعَالَى محمودًا عَلَى الأَمْرينِ: عَلَى إهلاك الْكُفَّارِ وَعَلَى تسليمِ عباده الَّذِينَ اصطفى.

وقوله: {الَّذِينَ اصْطَفَى} أي: اختارهم، والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَخْلُقُ ما يشاء ويختار؛ يختار ما يَخْلُق ويَصْطَفِيه، فمن جملة ما اختارَ من بني آدمَ اختارَ الأَنْبِياء، كما قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} [ص: ٤٧]، واختار أيضًا المُؤْمِنيِنَ، فإن المُؤْمِنيِنَ بالنِّسْبَةِ للكفار مُصْطَفَون، والأَنْبِياء صفوة الصفوة، والاصطفاءُ كغيرهِ من الصِّفَاتِ

<<  <   >  >>