نحمدَ اللهَ، لا أنْ نَتَرَحَّمَ لهم ونَرِقّ لهم، هَذَا خلافُ ما عليه بعضُ النَّاسِ اليوم الَّذِينَ فَقَدُوا الغَيْرَة الدينية ولم يكن فِي قلوبهم الولاءُ والبَرَاء؛ لأن كثيرًا من النَّاس فَقَدُوا الولاء والبراءَ، وبعض النَّاس فقد البراءَ فقطْ، ومعه الولاءُ لَكِنَّهُ وليٌّ لكلِّ أحدٍ، وبعض النَّاس بريء من كُلّ أحدٍ أيضًا، لا يحب المُسلِمينَ ولا الكفارَ، ولكِن هَذَا نادرٌ، إِنَّمَا الكثير فِي وقتنا هَذَا هُوَ الولاء للجميعِ، وَأَنَّهُ لا يُبْغِضُ أحدًا، فالمسألة عنده إِنْسَانيَّة وليستْ دِينيَّة، وهَذَا خطأٌ وخطرٌ، أيضًا مَعَ كونه خَطَأ فَهُوَ خطرٌ؛ لِأَنَّ أوثقَ عُرَى الإِيمانِ الحبُّ فِي اللهِ والبُغْضُ الله.
مسألة: لو حَصَلَ لكافرٍ حادثٌ هل يَلْزَمُنا إنقاذه؟
لا يلزمنا أن نُنْقِذَهُ، نعم إن كَانَ مُعاهَدًا فَإِنَّهُ معصومٌ نُنْقِذُه، وإن كَانَ غيرَ معاهَدٍ وَلَيْسَ بيننا وبينه عهدٌ فلا ننقذه، بل إننا نُجْهِز عليه.
لَوْ قَالَ قَائِل: إذا كَانَ لا يعلمُ هل هُوَ معاهَد أو غير معاهد؟
فالجواب: إذا كَانَ لا يَعْلَمُ فاللهُ أَعْلَمُ، والَّذِينَ فِي بلادنا مَن لَيْسَ بمعاهَدٍ فَهُوَ مستأمَنٌ، لِأَنَّ كونَه يأتي بعقدٍ سواء حكوميّ أو غير حكوميّ فَهُوَ مستأمَنٌ، فله حُكْمُ المعاهَدِ، يَقُول الله تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦].
أما المعصوم فالعُلَماء يَقُولُونَ: يَجِب أنْ يُنْقَذَ مِنَ الهَلَكَةِ مُطْلَقًا، ولم يَفْصِلوا بينَ المسلمِ وغيرِ المسلمِ، ولذلك لا يجوزُ الاعتداءُ عليه، وهَذَا ثابتٌ بالنصِّ، قَالَ تَعَالَى:{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}[التوبة: ٧]، وقال تَعَالَى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: ٨].