للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما جاء فِي الحديث عن النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إنَّكُمْ إنْ تُخْفِرُوا ذِمَمكمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنَ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسُولهِ" (١)، فهَذَا كلام أهلِ العلمِ في هَذِهِ المسألةِ، والمسألةُ تحتاجُ إِلَى بحثٍ، وعندما نحقِّقها يُنْظَر إنْ كَانَ فِي هَذِهِ المسألةِ خِلافٌ، ويُنْظَر - إن شاء الله - أيّهما أَرْجح.

الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى له أنْ يَتَمَدَّحَ بنفسِه ويدعو النَّاس إِلَى ذلك؛ لِقَوْلِهِ: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}، أَمَّا غيره فليسَ مِنَ اللائقِ أنَّ الْإِنْسَان يَقُول للناس: احْمَدُوني وأَثْنُوا عَليَّ. ومعلوم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أهل لِذَلِكَ، ولأن المصلحة لنا، والله تَعَالَى لا يَنتفِعُ بطاعةِ الطائعينَ، ولا يَتَضَرَّر بمعصيةِ العاصِينَ.

الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن الَّذِينَ اصطفاهمُ اللهُ قد بَرِئُوا مِمَّا يُلْصَق بهم؛ لِقَوْلِهِ: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} فإن هَذَا السلام يَتَضَمَّنُ سلامتهم مما وُصِفوا به وقُدِح فيهم به، ويتضمّن أيضًا سلامتهم من عقوبةِ اللهِ، فالسلامةُ هنا شاملة للسلامة ممَّا يَتَعَلَّق بفعل الله كالعقوبة، أو بفعل الخَلْق كالقَدْح.

الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: أن الله تَعَالَى يَصْطَفِي مِن عِبَادِهِ ما شاء، يَخْتَارُهم لعبادتِه؛ لِقَوْلِهِ: {عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} أي: اختارَ، ومَن يختارُهُم هم الَّذِينَ قاموا بطاعتِه، فمن قام بطاعةِ اللهِ اصطفاه الله، ومَن عمى اللهَ فَهُوَ بعيدٌ منْ الِاصطفاء.

الْفَائِدَة السَّادِسَةُ: قيام الأفعالِ الاختيارّية باللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ اصْطَفَى} فإن الاصطفاءَ مِنَ الأفعالِ، والله تَبَارَكَ وَتَعَالى قائمٌ به الأفعال الاختيارية.

الْفَائِدَة السَّابِعَةُ: حِكمة الله تَعَالَى فِي تعليق الأحكام بأَسْبابها، فإن السلامةَ هنا


(١) رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، حديث رقم (١٧٣١)، عن بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>