للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقتضي -كما قَالَ المُفَسِّر - المُعَاوَنَة إذا كَانَ مصاحبًا له، أو الانفراد ببعض الخلق إذا كَانَ غيرَ مصاحب له، هَذِهِ الحديقة مثلًا فيها نخل ورُمّان وعِنَب، هل مَعَ الله إلهٌ شاركه فِي إيجاد النَّخل والرُّمَّان والعِنَب، أو أوجد النَّخلَ واللهُ أوجدَ الرمانَ والعنبَ أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟

إِذَنْ: قول المُفَسِّر: [أعانه]، ينبغي أن يُقال: أوِ انفردَ بشيءٍ منها. وقلت ذلك لِأَنَّ الله يَقُول: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} هَذَا الانفراد، {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} هَذِهِ المشاركة عَلَى وجه الشيوع، {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: ٢٢]، هَذِهِ المعاونة، وإن لم يكن شريكًا، ما عاوَنُوا الله جَلَّ وَعَلَا. {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} [سبأ: ٢٣]، هَذَا التوسُّط للعابدين إِلَى الله، إذن بأي شَيْء يتعلقون؟ فإذا قَالُوا: إن آلهتهم لا تفعل.

قُلْنَا إِذَنْ: لماذا تعبُدُونها، فكل ما يمكن أن يتعلَّق به المُشْرِكُون بالنِّسبة لأصنامهم نُفِيَ فِي هَذِهِ الآيَة {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} انظر بلاغة الْقُرْآن.

فالحاصل: أن قوله: [{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه} أعانه]، نَقُول أيضًا: أوِ انفردَ بشيءٍ أو شاركَ فِي مُلْكِه، فلا أعان اللهَ ولا شاركَهُ ولا انفردَ بشيءٍ مِن مُلْكِهِ، أي: لَيْسَ مَعَه إله.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل المَعُونَةُ تدخلُ فِي المشاركة؟

فالجواب: لا؛ لأنك قد تُعينني مثلًا عَلَى إصلاح شيءٍ فِي بيتي وَلَيْسَ لك فِيهِ شركة، بل كلُّه لي.

وقَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أيضًا فِي قوله تَعَالَى: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه}: [أي لَيْسَ معه إله]،

<<  <   >  >>