للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحديث: "نَحْنُ أَوْلَى بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ" (١)، فنَقُول: هل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - شكَّ؟ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ما شكَّ، ولو أَجرينا الحديثَ عَلَى فَهم البعض لكانَ يَقتضي أن إبراهيمَ قد شكَّ، ونحنُ أَولى بالشكِّ منه، ولكِن معنى هَذَا نَفْيُ شكِّ إبراهيمَ، والمَعْنى لو كَانَ إبراهيم مَحَلًّا للشكِّ لكِنَّا نحن أولى به، ونحن لم نشكَّ؛ لِأَنَّ الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَعْلَم علمَ الْيَقينِ بأن الله قادرٌ عَلَى إحياء الموتى، وكذلك الصحابة، فلم يقل للصحابةِ: هل أنتم تَشُكُّون؟

إِذَنْ: لو كَانَ هناك شكّ لكِنَّا نحنُ أَولى به منه، فإبراهيم والنَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وأصحابه ما شَكُّوا، ولكِن المَعْنى أنكم الْآنَ تعلمون ما فِي أنفسكم من الْيَقينِ، فإن إبراهيم كذلك يعلمُ، ولو كَانَ فِي الأَمْرِ مكانٌ للشكِّ لكِنَّا نحن أولى به من إبراهيم، ولو أَجرينا الحديثَ عَلَى فهم السائلِ لكان يَقتضي أن إبراهيم قد شكَّ ونحن أَولى بالشكِّ منه.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا يَشْعُرُونَ} أي كفار مَكَّة كغيرهم {أَيَّانَ} وَقْتَ {يُبْعَثُونَ}]، يعني ما يشعرُ أحدٌ متى يُبعَث النَّاس؛ لِأَنَّ علم الساعة إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فلا أحدَ يشعر متى تكونُ الساعةُ، حَتَّى لو جاءتْ علاماتها وأشراطها فإنَّنا لا نستطيعُ أن نُحَدّدها بالتعيينِ ونَقُول: بقِي عليها كذا سنةً، كذا شهرًا، ولو مَعَ وجودِ الأشراطِ، ولهَذَا قَالَ: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}.

وقول المُفَسِّر: [وقتَ {يُبْعَثُونَ}]، فِيهِ إشكالٌ من جهةِ النحوِ، والإشكالُ


(١) رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}، قوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، حديث رقم (٣١٩٢)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة، حديث رقم (١٥١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>