من الأحكام فَإِنَّهُ يجوز لنا أنْ نَتَّبِعَه وأنْ نَقْتَدِيَ به؛ لِقَوْلِ الله تَعَالَى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠].
كذلك نَعتبِر بما جَرَى منَ العواقب للرسُل وأتباعهم، وما جَرَى من العواقب لمخالفيهم، ومعلومٌ أن عاقبةَ الأوَّلينَ عاقبةٌ محمودةٌ، وعاقبةَ الآخِرين عاقبةٌ سيِّئة.
فمن جُملة القَصَص الَّتِي كثُر ذِكْرُها فِي القرآن قِصَّة موسَى، ولا غَرْوَ أنْ يكْثُر فِي السورِ المَدَنِيَّة؛ لِأَنَّ المَدينَةَ كَانَ بها طائفة منَ اليهودِ حَتَّى يَتبَيَّنَ أمرُهم، ولهذَا فُصِّلَت أحوالهم كثيرًا فِي سورة البقرةِ، وَأَمَّا ذِكرُ قِصَّة موسى فِي السورِ المكّيّة كهَذه السُّورَة فإن فائدتها التوطِئَة والتمهيد للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَى يَكُون عَلَى بَصيرةٍ من أمرِهِم.
وهَذَا التوجيه -وَهُوَ الاستعدادُ للمُسْتَقْبَلِ- سَلَكَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أخذًا بتوجيهِ الْقُرآنِ حينما قَالَ لمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ:"إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كتَابٍ"(١).
وقوله:{إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ} وقد تكلَّمنا عَلَى موسى - صلى الله عليه وسلم - وَأنَّهُ موسى بنُ عِمْرَان وَأنهُ أفضلُ أنبياءِ بني إسرائيلَ.
قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [{لِأَهْلِهِ} زوجته عندَ مَسِيرِهِ مِن مَدْيَنَ إِلَى مِصْر]، يَقُول رَحَمَهُ الله: زَوْجته، أفلا يَحتمِل أن يَكُون زوجته وأُمّه وأباه ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟
(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - إلى اليمن قبل حجة الوداع، حديث رقم (٤٠٩٠)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، حديث رقم (١٩)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.