للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا} يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: فيها قراءتانِ [بتحقيقِ الهمزتينِ]، {الدُّعَاءَ إِذَا}، [وتسهيل الثَّانِيَةِ بينها وبينَ الياءِ]، يعني تُسَهَّلُ الهمزةُ الثَّانِيَةُ حَتَّى تكون بينَ الهمزةِ والياءِ، فتَجْعَلها ليستْ ياءً خالصةً ولا همزةً خالصةً.

قوله: {إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} التَّوَلِّي هُوَ الإدبارُ، وَعَلَى هَذَا فتكونُ: {مُدْبِرِينَ} حالًا مُؤَكِّدَةً للعاملِ أو لصاحبِ الحال؟

نَقُول: للعاملِ؛ لِأَنَّ نفسَ التولِّي إدبارٌ، مَثَلُهَا قولُه تَعَالَى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء: ١٨٣]، فـ (مُفْسِدِينَ) حالٌ منَ الواوِ، وهي مؤكِّدةٌ للعاملِ؛ لِأَنَّ العُثُوَّ هُوَ الفسادُ.

هنا {إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}: {مُدْبِرِينَ} حالٌ من الفاعلِ، لكِن ليستْ مؤكِّدة للفاعلِ؛ لِأَنَّ الواو دالَّة عَلَى الجمعِ، فلو جاءتْ بلفظِ: (أجمعينَ) لكانتْ مؤكِّدة للفاعلِ، لكِن جاءتْ بلفظِ: {مُدْبِرِينَ} فهي مؤكِّدة للعاملِ {وَلَّوْا}. فيَكُون هَذَا فِيهِ تأكيدانِ: التولِّي والإدبار، مَعَ أنَّ التولِّيَ هُوَ الإدبارُ، لكِن قد يَكُونُ المتولِّي فِيهِ رجاءٌ وأملٌ، يَتَوَلَّى وَهُوَ يَلْتَفِت بقلبه إليك، لكِن إذا كَانَ مُدْبِرًا لا يلتفت؛ أي إدبار جَسَدِيّ وقلبيّ وَهُوَ أصمُّ، فيَكُون هنا فِيهِ ثلاثةُ موانعَ للقبولِ أو للسماعِ، وهي: الصَّمَم والتولِّي والإدبارُ.

* * *

<<  <   >  >>