فالجواب: وجهُ الدلالةِ من الحديثِ قوله: "إِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ رُوحَهُ" فكلَّما سلَّم عليه أحدٌ ردَّ الله عليه رُوحه وعرَفه، إذن هُوَ يسمع.
على كُلّ حالٍ: الموتى لا يَسمعونَ كُلّ كلامٍ، فمثلًا لو مررتَ أنتَ وصاحبٌ لكَ بجوارِ قبرٍ وأنتما تتكلمانِ لا يَلْزَم من هَذَا أَنَّهُم يسمعونَ، لا يسمعون إِلَّا الخطابَ الموجَّه إليهم، وإن كَانَ ظاهرُ كلامِ الفقهاءِ أَنَّهُم يَسمعون حَتَّى ما لا يُخاطَبون به.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هم يسمعون سلامنا فقطْ، وإذا كلّمناهم مرةً أخرى لا يسمعون؟
فالجواب: يَسمعون مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذا كَانَ السَّبَب فِي هَذَا السماعِ - الخطاب - خاطبناهم، وما دام الخطابُ إذا سَمِعُوه مرةً سمعوه مرةً أخرى فما المانِع.
وَلَوْ قِيلَ: إن الرُّوح تُنْزَع بَعْد السلام؟
نَقُول: الظَّاهرُ أَنَّهَا إذا رُدَّت فإنها إذا انتهى السلام لم تَسْمَعْ، فنحن نَقُول: كلَّما خُوطِبوا ردَّ اللهُ عليهم أرواحَهم فسمِعوا.
بَقيَ أن يُقالَ: هل يَسمعون بدونِ مخاطبةٍ؟
ظاهر كلام الفقهاءِ أيضًا أَنَّهُم يَسمعون، ولهَذَا قَالُوا: إن الميّتَ يتأذَّى بفعل المنكَرِ عندَه من قولٍ أو فعلٍ، وَعَلَى رأيِ الفقهاء - ولا أدري ما مُسْتَنَدُه - يَسمعون حَتَّى ما لم يُخاطَبُوا به، وعليه أيضًا يَكُون الْإِنْسَان إذا شَرَّفَ القبرَ بالأحجارِ الَّتي تُلْقَى عليه أو بالكتاباتِ أو بغير ذلك فإن الميتَ يتأذَّى به؛ لِأَنَّ هَذَا مِنَ المنكَر، فتشريف القبرِ وتمييزه عَلَى غير من القبورِ هَذَا منكَر ولا يجوزُ، فعلى كلامِ الفقهاءِ يتأذَّى الميِّت