المُفَسّر قَالَ:[أنبيائي]، يُشِير بذلك إِلَى أن مَفْعُول (كَذَّبْتُم) محذوفٌ، وأن {بِآيَاتِي} حَالٌ من أنبيائي، ولكِنَّ هَذَا التَّقْدير لا مَعنى له ولا داعيَ له؛ لِأَنَّ التكذيبَ دائما يقع معمولُه مُعَدًّى بالباء: كذب بآيَات الله، ما يقال: كذب أنبياء الله بآيَاتِ الله؛ بل: كذب بآيَاته، والتكذيب هنا مُضَمَّن معنَى الجَحْدِ، فعليه نَقُول: لا حاجةَ إِلَى تقديرِ المُفَسِّر: أَنبيائي، بل نَقُول:{بِآيَاتِي} جارّ ومجرور متعلِّق بِ (كَذَّبْتُم).
قو له:{أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي} يعني أَنْكَرْتمُوها وجَحَدْتمُوها.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَمْ تُحِيطُوا} من جِهَة تَكْذِيبِكُم {بِهَا عِلْمًا}]، إِلَى آخِرِه، قوله:{وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا} انظر إِلَى المُفَسِّر كيف حَلَّها: [مِن جِهَة تكذيبكم {بِهَا عِلْمًا}]، والإحاطةُ بالشَّيْءِ بمعنى إدراكِه من جميعِ الجوانبِ، وأصله مشتَقّ منَ الحائطِ، لِأَنَّهُ يحيط بالمكانِ، فمعنى أحاطَ بالشَّيْءِ: أَدْرَكَهُ منْ جميعِ جوانبِهِ.
المُفَسِّر فَسَّرَ هنا الإدراكَ بِقَوْلِهِ:[من جهة تكذيبكم]، أي: أَنَّكُم كذَّبتم من غيرِ أنْ يَكُونَ لديكم عِلْمٌ بالتكذيبِ، كَذَّبْتُم بلا علمٍ، ولكِن يَحتمِل معنًى آخرَ: أنكم كذَّبتم بالآيَاتِ قبلَ أنْ تُدْرِكُوها، فيَكُون هَذَا منَّ البدار بالشَّيْءِ قبل أن يُدْرِكَه، كما قَالَ ابن القيِّم (١):