مَن كَذَّب لأوَّل مرَّة بدون أن يحيطَ بالشَّيْءِ عِلمًا فَهُوَ دليلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بقابلٍ إطلاقًا للحقِّ.
قال تَعَالَى: {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَمَّا} فِيهِ إدغامُ (ما) الاسْتِفْهاميَّة]، إدغام (أم) الَّتِي للإضراب - وأصلها حرف عطف بمعنى (بل) - و (ما) الاسْتِفْهاميَّة، أُدغمتْ إحداهما فِي الأُخْرَى. و (ذا) اسْم موصولٌ، أي: ما الَّذِي كنتم، ويجوز أن نجعلَ (ذا) مركبة مَعَ (ما)، وتكون (ماذا) كلها اسْم اسْتِفْهام، ولكِن لَيْسَ فِي كُلّ مكانٍ يجوز هَذَا وهَذَا، إِنَّمَا فِي مثلِ هَذَا التركيبِ يجوز أن نجعلَ (ماذا) اسمَ اسْتِفْهامٍ، ويجوز أن نجعل (ما) اسمَ اسْتِفْهامٍ و (ذا) اسمًا موصولًا؛ أي: ما الَّذِي كنتم تعملون، وَعَلَى هَذَا التَّقْدير الأخيرِ يَجِب أن نقدِّر ضَميرًا فِي قولِهِ: {تَعْمَلُونَ} ليَكُونَ عائدًا إِلَى الاسم الموصولِ، ويَكُون التَّقْدير: (أماذا كنتم تعملونه)، وَعَلَى الأول لا حاجةَ لذلك ونجعل (ماذا) مَفْعُولا مقدَّمًا لـ (تعملون).
نظيرها فِي الْقُرْآن: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩]، فيها قراءتانِ (١): "قلِ العفوُ" و {قُلِ الْعَفْوَ}.
ونُعْرِب (ماذا) عَلَى قراءةِ الرفعِ:
(ماذا): ما: اسمُ اسْتِفْهامٍ، وذا: اسمٌ موصولٌ، يَعْنِي: ما الَّذِي ينفقون؟ فيَكُون التَّقْدير: الَّذِي ينفقونه العفوُ، وتكون مرفوعةً والعائد محذوفٌ؛ لأني إذا قلتُ: (ما) اسْم اسْتِفْهام، و (ذا) اسْم موصول؛ صارت (ما) مبتدأً و (الذي) خبره، وكلّ منهما مرفوع. ثم يأتي: (قُلِ العفوُ) لِأَنَّ الجوابَ مطابِق للسؤالِ؛ أي: العفوُ الَّذِي يُنفِقون.
(١) الحجة في القراءات السبع (ص: ٩٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute