ولكِنَّه يُعاقَب عَلَى حسَب ذنوبِه، ثُمَّ بَعْد ذلك يُخْرَج منها، إمَّا بشفاعة وَإمَّا بانتهاءِ جزائِه إذا لم يشفعْ له.
فالحاصل أننا نَقُول: إن قولَه: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} لا يَلزَم منه الخلودُ، بل قد تُكَبّ وُجوههم فِي النَّار ثُمَّ يَنْجُونَ.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: إذا كانوا عصاةً فإن موضعَ السجودِ لا تأكله النَّارُ، فكيف نَقُولُ: كُبَّتْ وُجُوهُهم فِي النَّار؟
قُلْنَا: إذا كُبّ عَلَى وجهِه أصابتْه النَّارُ إِلَّا موضعَ السجودِ، وهَذَا لا يَمنَع أن يُكَبّ عَلَى وجهه وتُحمَى مواضعُ السجودِ مِنَ النَّار.
وقوله:{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّار} جواب الشرط ماضٍ، فَكَانَ مُقتضى الأَمْر أن يَقُول: ومن جاءَ بالسيئةِ كُبَّت؛ لِأَنَّ فعل الشرط إذا كَانَ ماضيًا وجوابه كَانَ ماضيًا أيضًا فلا يحتاج إِلَى الفاء، يَقُولُونَ: إن الفاء هنا تدلّ عَلَى تقدير (قد)، يَعْنِي:(فقد كُبَّت)، وتكون دالَّة عَلَى التحقيقِ لهذَا الأَمْرِ؟ لِأَنَّ (قد) للتحقيقِ، ولَكِنَّهَا حُذفتْ لفظًا وأُشيرَ إليها معنًى، فالفاء تشير إِلَى (قد)، وحُذِفَتْ لَفظًا لِأَنَّ (قد) للتحقيق، والمسألة لم تَقَعْ، فَكَانَ فِي تحقيقها بـ (قد) وهي لم تقعْ نوعٌ من التناقضِ، فلذلك حُذفت فِي اللفظِ وأُشير إليها بالمَعْنى بالفاءِ، وكما هُوَ معلومٌ أن جوابَ الشرطِ إذا اقترنَ بـ (قد) فيجب أن يَكُونَ مَقرونًا بالفاءِ.