(دَم) أعمُّ، ولهذَا لا يُسفَك فيها دمُ إِنْسَانٍ ولا دَمُ صيدٍ، وَأَمَّا المواشي من الإبلِ والبقرِ والغنمِ وما أَشْبَهَهَا فإن هَذَا دلَّتْ السنَّة عَلَى جوازِه.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[ولا يُظلَم فيها أحد]، هَذَا لَيْسَ خاصًّا بمكَّة، حَتَّى غير مَكَّة لا يجوز أن يُظلمَ فِيهِ أحدٌ؛ ولذلك ما جاء فِي الحديثِ: لا يُظْلَم فيها أحدٌ؛ بل قَالَ الرَّسُول -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يُسْفَكُ فِيهَا دَمٌ"؛ فليس من خصائصِ مكَّةَ ألَّا يُظْلَم أحد، صحيح أن الظلم فِي مكَّةَ أعظمُ من غيرِه، قَالَ تَعَالَى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: ٢٥]، فقوله:{بِإِلْحَادٍ} الباء تدلّ عَلَى أن الفِعْل مضمَّن معنى العزيمةِ الصادقةِ، أَمَّا أنَّ الظلم فِي غيره مباح فلا.
مسألة: هل السيئة تُضاعَف فِي مَكَّة؟
الجواب: ما تُضَاعَف السيئة فِي مكَّة؛ تضاعف بالكيفيَّة فقطْ لا الكمّيّة، ولَيْسَ معناه أن السيئة يُجْزَى عنها سيِّئتانِ، وإنّما المَعْنى أَنَّهَا تكون أعظمَ، فكيفيَّة العقوبة تَختلِف، قد أضرِبُ هَذَا الْإِنْسَان ضربةً واحدةً وأضرب الآخرَ ضربةً واحدةً وتكون هَذِهِ الثَّانِيَة مؤلمِة والأولى غير مُؤْلمِة.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[ولا يُصَادُ صَيْدُها]، هَذَا صحيح، وغيرها يُصاد.
ثم قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[ولا يُخْتَلَى خَلاها]، صحيحٌ، وغيرها يُختلَى، والمَدينَة يختلى خلاها، إِنَّمَا يُحرم الشَّيْء الَّذِي بدون حاجةٍ فِي المَدينَةِ، وَأَمَّا الَّذِي بحاجةٍ فيجوز، وهَذَا الفرق بينها وبين مكَّة.