وقوله:{سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} هل المُراد بآياتِ اللهِ هنا الآياتُ الدالَّةُ عَلَى صِدْقِ ما أخبر به فِي الْقُرْآن، فتكون الآيات الكونيَّة أو هِيَ أشمل من ذلك؟
الظَّاهرُ أَنَّهَا أشملُ من ذلكَ؛ أَنَّهَا تَشْمَلُ الآياتِ الدالَّةَ عَلَى صِدْقِ ما وعدَ به رسوله وتوعّد به أولئك، وكذلك أيضًا الآياتُ الشَّرْعِيَّة الدالَّةُ عَلَى كمالِ شَريعتِهِ.
وقوله:{فَتَعْرِفُونَهَا} أيضًا أبلغُ مِنَ الإراءةِ؛ لأنني قد أُرِي الْإِنْسَانَ شيئًا ولكِن لا يَعْرِفه، وهنا قَالَ:{فَتَعْرِفُونَهَا}. فعندنا بَيَان وإرادةٌ ومعرفةٌ؛ أعلاها المعرفة، ثُمَّ الإرادة، ثُمَّ البَيَان.
قوله:{فَتَعْرِفُونَهَا} نتيجة هَذَا أنْ تقومَ عليكم الحُجَّة؛ لِأَنَّهُم إذا أُرُوا الآياتِ حَتَّى عَرَفُوها قامتْ عليهم الحُجَّة.
ثم قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[فَأَرَاهُمُ اللهُ يومَ بَدْرٍ القتلَ والسَّبْيَ وضربَ الملائكةِ وُجُوهَهُمْ وأدبارَهُم وعَجَّلَهُمُ اللهُ إِلَى النَّارِ]، أعوذُ باللهِ! هَذِهِ من جملةِ الآياتِ الَّتِي أراهم إيَّاها، وإلَّا فقد أراهم اللهُ تَعَالَى انشقاقَ القمرِ قبلَ بَدْرٍ، فإنهم طَلَبُوا آيَةً منَ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- فأشارَ إِلَى القمرِ فانفلق فِرْقتيْنِ، حَتَّى شاهدوه بأعينهم، فقَالُوا: سَحَرَنا مُحَمَّد، فاسألوا الرُّكبان الَّذِينَ يَقْدَمُونَ مَكَّة هل شَاهَدُوا ذلك أم لا؟ فسألوهم فأَخْبَرُوهم بأنهم شاهدوا ذلك (١).
(١) انظر: صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- آية فأراهم انشقاق القمر، حديث رقم (٣٤٣٨)؛ صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنَّار، حديث رقم (٢٨٠٢)، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ جامع الترمذي، كتاب التفسير، باب ومن سورة القمر، حديث رقم (٣٢٨٩)؛ مسند أحمد (٤/ ٨١) (١٦٧٩٦)، عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه-؛ مسند الشاشي (٤٠٤)، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.