وقد أنكر قومٌ هَذِهِ الآيةَ انشقاقَ القمرِ، ومنهم مُحَمَّد رَشِيد رِضا، وأظنُّ شَيْخه كذلك -مُحَمَّد عَبْدُهْ- وهَذَا خطأٌ فاضحٌ والعياذُ باللهِ؛ لِأَنَّ الأحاديثَ فِيهِ مُتَوَاتِرَةٌ، وإشارةُ الْقُرْآنِ إليه ظاهرٌ، قَالَ تَعَالَى:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: ١]، هم حَرَّفوا الْقُرْآن فقَالُوا: انشقَّ القمرُ، أي: بانَ ضياءُ الحقّ والنُّور بما جاء به الرَّسُول -صلى الله عليه وسلم-، وهَذَا بلَا شَكّ تحريفٌ للقرآنِ وتكذيبٌ بما تواترتْ به السُّنَّة، فالصَّوابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ من معتقداتِ أهلِ السنَّة والجماعةِ أنَّ القمرَ انشقَّ.
وقد قالوا: إنَّهُ لوِ انشقَّ لكان أمرًا عالميًّا، وَكَانَ له ذِكْر فِي التاريخِ؛ لِأنَّهُ أمرٌ عالميٌّ، حَيْثُ إن القمر آيةٌ أفقِيَّة كُلٌّ يُشاهِدُها، وحيثُ إن هَذِهِ الحالة للقمرِ حالةٌ غريبةٌ خارجةٌ عنِ العادةِ، فالهِمَم تَتوافرُ عَلَى نَقْلِهِ، ولا بدَّ أن تُذْكَر فِي التواريخ كتاريخِ الهِنْدِ والرُّوم والفُرْس ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟
فنَقُول: تبًّا لكم أن تجعلوا ما أَخبرَ اللهُ به مَوْضِعًا للشَّكِّ لأنَّ هَؤُلَاءِ لم يَذْكُرُوه، بل لوْ ذَكَرُوا أنَّهُ لم يَقَعْ لَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ وصَدَقَ اللهُ.
وأيضا الجوابُ عَن هَذَا أن نَقُولَ: لا يَلْزَمُ إذا انشقَّ القمرُ حَتَّى رآه أهلُ مكَّة ومَن بِقُرْبِهِم أن يراه النَّاسُ جميعًا؛ لِأَنَّ نصفَ الكرةِ الْأَرْضيَّة الآخر لا يُمْكِن أن يَرَوْهُ؛ لِأَنَّهُ غائبٌ عنهم، هَذه واحدةٌ.
كذلك قد يَكُون هذا الأَمْر أتاهم فِي منتصفِ الليلِ أو فِي آخرِ الليلِ أو عندهم غيومٌ مانعةٌ أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فموانعُ رُؤيتهِمْ له كثيرةٌ، ولكِن لا يُهِمُّنَا أن يَرَوْهُ أو لا يروه، أو يُدَوِّنُوه فِي تواريخهم أو لا يدوِّنوه، وتكذيب الْقُرْآن أو السنَّة المتواترة بمثل هَذِهِ الأُمُور هَذَا فِي الحقيقةِ إيغالٌ فِي العقلِ أو فِي العقليَّات كما يَقُولُونَ، فالْإِنْسَان لا ينبغي أن يَكُونَ عقلانيًّا مَحْضًا، ولا ينبغي أنْ يَكُونَ ظاهريًّا محَضًا، بل