يجبُ أنْ يَكُونَ عنده عقلٌ يَزِنُ به الأُمُورَ، وإذا بانَتِ الأُمُورُ الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهُ لا مجالَ للعقلِ. إِذَنْ: أراهم الله تَعَالَى آيَاتٍ مِنْهَا انشقاقُ القمرِ، ومنها أيضًا أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- شَهِدَ النَّاسُ كلُّهم أنَّ الحجَر يُسَلِّم عليه، والشجر يُسلِّم عليه، حَتَّى إنَّهُ يَقُول:"كَانَ حَجَرٌ يُسَلِّمُ عَليَّ فِي مَكَّةَ أَعْرِفُهُ"(١).
وكذلك أيضًا منَ الآياتِ ما حصلَ يومَ بدرٍ، يوم بدر حصلَ فِيهِ منَ الآياتِ من قَتْلٍ وسَبْيٍ؛ قَتْل لِرؤساءِ الْكُفَّارِ لَيْسَ لِأَطْرَافِهِم؛ لِصَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وقَتْلُ صناديدِ أعداءِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- آيةٌ له؛ لِأَنَّ ذلك نَصْرٌ له، ولو كَانَ ما قاله باطلاً ما كَانَ اللهُ -تبارَكَ وَتَعَالَى- ليَنْصُرَهُ أبدًا؛ لِأَنَّ اللهَ لا ينصرُ الباطلَ عَلَى الحقّ نصرًا مُسْتَمِرًّا، ولكِن قد يَكُون للباطلِ صَوْلَةٌ ليُمَحِّصَ اللهُ المُؤْمِنيِنَ، فيَنتصِر أهلُ الباطلِ لَكِنَّهُ انتصارٌ مؤقَّت.
كذلك أيضًا السبيُ؛ سُبِيَ منهم سبعونَ رَجُلًا وذُهِبَ بهم إِلَى المَدينَةِ، والمسبيُّون أيضًا مِن أَشْرَافِهِم.
المهم أنَّ وَقْعَة بَدْرٍ أثخَنَتْهُم تمامًا، وأذَلَّتْهُم إذلالًا بالِغًا؛ ولهَذَا سمَّاه الله تَعَالَى يومَ الفُرْقَان؛ لِأَنَّ اللهَ فَرَّقَ فِيهِ بينَ الحقّ والباطلِ، وتعلمون أن النَّاس يَنتظرون ماذا سَيَحْصُل، فالعربُ لمَّا رَأَوْا أنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وَهُمْ قِلَّةٌ ثَلاثُمائةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ رجلًا غَلبُوا حوالي ألف من قُرَيْش كاملو العُدَّة والعددِ كثير، عَرَفُوا أن أمرَ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- سَيَظْهَرُ.
وكذلك أيضًا الملائكةُ يَضْرِبون وُجُوهَهم وأدبارَهم.
(١) رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، حديث رقم (٢٢٧٧)، عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه-.