للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل هَذَا وَرَدَ فِي بدرٍ أو وَرَدَ فِي الْكُفَّارِ مُطْلقًا؟

قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: ٥٠]، لكِن فِي بدرٍ هل ذُكِرَ أنَّ الملائكةَ تَضْرِب وجوههم وأدبارَهُم؟

قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: ١٢]، فلَيْسَ فيها أَنَّهُ تُضْرَب الوجوهُ والأدبارُ، وفيها أنَّهُ يُضْرَب فوقَ الأعناقِ، فتُضْرَب أعناقُهم ويضرب منهم كُلّ بَنَانٍ، يَعْنِي الأيديَ، فهَذَا هُوَ الظاهِرُ.

وأمَّا ما ذهب إليه المُفَسِّر فلا أعرِفُ فِي ذلك سُنَّة أيضًا بَيَّنَتْ هَذَا، وإن كَانَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اَللهُ له وِجهةُ نَظَرٍ بأن الملائكةَ تَضْرِب وُجُوهَهم إذا أَقْبَلُوا عَلَى المُسلِمينَ، وتضرب أدبارهم إذا أَدْبَروا عنِ المُسلِمينَ، لكِن ما دامَ أن هَذَا لم يَرِدْ فالأَوْلى الاقتصارُ عَلَى ما وَرَدَ، وَهُوَ أن الله قَالَ لهم: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: ١٢]، لم يقلِ: اضْرِبوا وُجُوهَهم وأدبارهم.

إِلَّا أن يقولَ قائلٌ: إن قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: ٥٠]، يشمل هَؤُلَاءِ فإنهم منَ الكفارِ، فالملائكة عندَ الوفاةِ يَضْرِبُون وجوههم وأدبارهم، فإنْ أراد المُفَسِّر بهَذَا ما يُشير إليه عُمومُ الآيةِ فَهُوَ مقبولٌ.

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [وَعَجَّلَهُمُ اللهُ إِلَى النَّار]، معناه: عَجَّلَهُم الله قبلَ موتِ الرَّسُولِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فحصل لهم هَذَا الأَمْرُ وعُجِّلُوا إِلَى النَّارِ.

<<  <   >  >>