فالجوابُ: أنَّ هَذَا الْقُرْآن نزل بلغةِ العربِ، ولغةُ العربِ لا تجعل لهَذَه الحروفِ معنًى، لكِن إذا قُلْنَا بأنه لَيْسَ لها معنى فَإِنَّمَا لها مَغزى، يَظهرُ -واللهُ أَعْلَمُ- أن اللهَ أراد بها ذلك.
قوله:{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} المشارُ إليه لاحِق وَلَيْسَ بسابقٍ، وهَذَا ممَّا تعود فِيهِ الإشارةُ عَلَى متأخِّرٍ لفظًا ورُتْبَةً، وَهُوَ جائز إذا دلَّ الدَّلِيل عليه.
وقوله:{آيَاتُ الْقُرْآنِ} يَقُول رَحَمَهُ الله: [آياتٌ منه]، وإنما لَجَأَ المُفَسِّر إِلَى قوله:[آياتٌ منه]؛ لأنَّنا لو أخذنا بظاهرِ الآيَةِ:{آيَاتُ الْقُرْآنِ} لكان فِي ذلك حَصرٌ للقرآنِ بهَذه الآيَات، {تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} يَعْنِي: هَذَا الَّذِي نشير إليه، ومعلومٌ أنَّ هَذَا لَيْسَ آياتِ الْقُرْآن كلَّها، ولكِنَّه بعض منها.
ويجوز أيضًا أن نجعلَ الآيةَ عَلَى ظاهِرِها ولا حاجة إِلَى التأويلِ، ونَقُول:{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} يشار إِلَى بعض الجنسِ بإشارة الجنسِ كلِّه، كما تقول مثلًا: هَذَا البشر، وتشير إِلَى رجل واحدٍ، أو هَذَا الْإِنْسَان وتشير إِلَى رجلٍ واحدٍ.
فالمَعْنى أنَّ الإشارة إِلَى بعضِ الجنسِ بالجنسِ كلّه هَذَا سائغٌ، ولا يحتاج إِلَى تأويلٍ كما قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله.