وفي الحقيقة أن الْقُرْآن جامع للوصفينِ، فَهُوَ مَتْلوٌّ وَهُوَ مجموع أيضًا.
وأما قوله:{كِتَابٍ} فهي فِعَال بمعنى مَفْعُول، أي: مَكْتوب. وفِعَال بمعنى مَفْعُول تأتي كثيرًا فِي اللُّغة العربيَّة مثل: بِنَاء بمعنى: مَبْنِيّ، وغِرَاس بمعنى: مَغْرُوس، وفِراش بمعنى: مَفْرُوش، وأمثلتها كثيرة. وسُمِّي كتابًا لمِا أَشرنا إليه قبلُ.
وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [{مُبِينٍ} مُظْهِر للحقِّ مِنَ الباطِلِ]، كلمة {مُبِينٍ} فِعْلُها: (أبانَ)، وأبانَ يأتي لازمًا ويأتي متعدِّيًا، أي: يأتي بمعنى أظهرَ، ويأتي بمعنى بانَ، ولهذَا تجد المفسِّر رَحَمَهُ الله أحيانًا يفسِّر مُبِين بمعنى: بَيِّن، وَعَلَى هَذَا التفسير تكون من اللازِمِ. ويُفَسِّرُهَا أحيانًا بمعنى: مُظهِر، فتكون من المتعدِّي.
كما فِي قوله تَعَالَى:{وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، معنى (مبين) أي: بَيِّن، أي: فِي ضلالٍ بيّن، فهي من (أبان) اللازِم. وَأَمَّا مثل هذه الآية أن الْقُرْآن مُبين فَهُوَ بمعنى: مظهِر.