وهل يَستلزِم كونه مُظْهِرًا أن يَكُون هُوَ بيِّنًا؟
نعم يَستلزِم، أو نَقُول: إنَّهُ من باب استعمالِ المشترَك فِي مَعْنيَيْه، والصَّحيح جوازه. وقد سبق هَذَا، فيجوز استعمال المشترك فِي معنييه، والمشترك هُوَ ما اتَّحَدَ لفظُه وتَعَدَّدَ معناه، وسُمِّي بذلك لِأَنَّ المعانيَ مُشْتَرِكة فِي لفظٍ واحدٍ.
والمشترَك الصَّحيحُ أنَّهُ يجوز استعماله فِي معنييه بشرطينِ، وهما: ألَّا يَقَعَ بينهما تعارُض وأن يَكُون محُتمِلًا لهما.
فإن كَانَ لا يَحتملهما فلا يمكن أن يُحمَلَ عليهما، وإن وقعَ بينهما تعارُضٌ فلا يُمْكِن، لَا بُدَّ أن يَكُون أحدُهما هُوَ المقصودَ.
في هذه الآيَة إذا قُلْنَا: إن مُبين من أبانَ اللازِم، ومن أبان المتعدِّي هل يجوز أو لا يجوز؟
يجوز، وإن كَانَ هَذَا مُشْتَرَكًا لَكِنَّهُ إذا استُعمل فِي مَعْنَييه فَإِنَّهُ مستعمَل عَلَى وجهٍ لا تعارُضَ فيه، فالْقُرْآنُ بَيِّن والْقُرْآن أيضًا مُظْهِر. وَعَلَى هَذَا التفسيرِ تكون دلالة (مُبين) علَى أن الْقُرْآن بَيِّن دلالةَ مطابَقَةٍ، يَعْنِي: إذا جَعَلْنَا (مبين) مستعملةً فِي المعنيين فالدلالة مطابقة، لكِن لو قُلْنَا: إن (مبين) بمعنى: مُظهِر فدلالته عَلَى كونِه بَيِّنًا من بابِ دلالةِ الالتزامِ.
قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكِتَابٍ مُبِينٍ} مُظْهِر للحقِّ منَ الباطِل]، هل هُوَ عَلَى عُمُومه أو خَاصّ بما نزلَ به الْقُرْآن؟
يَقُول الله تَعَالَى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، وَهُوَ عامٌّ فِي كُلّ شيءٍ، لكِن البَيَان قد يَكُونُ بَيَانًا للشيءِ عَلَى وجهِ التفصيلِ، وقد يَكُون