للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إِلَى فِرْعَوْنَ} عَلم جنس لكل من مَلَك مِصر كافرًا، مثل كِسْرَى علم جِنس لكل مَن مَلَك الفُرْس كافرًا، وكذلك قَيْصَر لكُلّ من ملك الرُّوم كافرًا.

وقوله: {وَقَوْمَهُ} القوم: الأصحاب، وسمِّيَ الأصحابُ قومًا، لِأَنَّ بهم قِوَام الْإِنْسَان، فالْإِنْسَان يعتز ويقوم بقومه.

وقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} هَذَا تعليلٌ للرسالةِ إليهم، يَعْنِي إِنَّمَا أرسلناكَ إِلَى هَؤُلَاءِ فِي تسعِ آيَاتٍ، لِأَنَّهُم {كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}، يعني خارجينَ عن الطاعة، والفِسْق يَنْقَسِمُ إِلَى قسمينِ:

• فِسْق أكبر وهو: الخروج عن مُطْلَق الطاعة.

• فِسق أصغر وهو: الخروج عن الطاعة المطلَقة.

والفرق بين التعبيرينِ أن الطاعة المطلَقة هِيَ الشاملة لكل أفرادِ الطاعةِ، يعني أَنَّهُ يُطيع فِي كُلِّ أمرٍ، وَهُوَ الواقِعُ، فإذا قيل: هَذَا الرجلُ قد أطاعَ الله طاعةً مُطْلَقَة، فمعناه أَنَّهُ أطاع فِي كُلّ ما أُمِرَ به، فإذا فَسَقَ فقد خرج من الطاعةِ المطلَقةِ، لِأَنَّ الفرق بين مطلق الشَّيْءِ والشَّيْءِ المطلق أنَّ مُطْلَق الشَّيْء معناه وجودُ أيِّ جزءٍ منه، والشَّيْء المطلَق: الكامِل، ولهَذَا الفاسقُ عند أهلِ السنَّة والجماعةِ هل معه الإِيمانُ المطلَقُ أو مطلق الإِيمانِ؟

معه مُطْلَق الإِيمانِ، فإذا قيل: هَذَا الرجل فاسق، فالمَعْنى: خارج عن مطلقِ الطاعةِ، ففِسْقُه أكبر، يعني معناه: ما يصدق فِي حقِّه ولا أقل طاعة، وهَذَا كافر.

فإذا قيل: هَذَا الفاسِقُ خارج عنِ الطاعةِ المطلقةِ فمعناه: أَنَّهُ معَه طاعة لكِن الطاعة الكاملة لَيْسَت معه، ولذلكَ عندَهم أيضًا حَتَّى فِي الفقه يَقُولُونَ: هَذَا ماء

<<  <   >  >>