للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضاف الحَبَّ إلى الحَصِيدِ كما يُقالُ: صَلاةُ الأُولَى؛ أي: الصلاةُ وَقْتَ الأُولَى، ومَسْجِدُ الجامِعِ، وزعم الفَرّاءُ أن الشيء أُضِيفَ لِنَفْسِهِ لاختلاف اللفظين (١)؛ لأن الحَبَّ هو الحَصِيدُ عنده، وقال محمد بن يزيد (٢): إضافة الشيء إلى نفسه مُحالُ ولكن التقدير: حَبَّ النَّبْتِ الحَصِيدِ.

قوله: {وَالنَّخْلَ}؛ أي: وأنْبَتْنا النَّخْلَ {بَاسِقَاتٍ} يعني طِوالًا يقال: بَسَقَ الشَّيءُ يَبْسُقُ بُسُوقًا: إذا طالَ، وكل طويلٍ باسِقٌ، والتاء في موضع نصب على الحال والقطع.

وقوله: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) أي: ثَمَرٌ مَنْضُودٌ بَعْضُهُ على بعض، وذلك قبل أن يَتَفَتَّحَ، وهو نَضِيدٌ فِي أكْمامِهِ، فإذا خَرَجَ من أكْمامِهِ فليس بِنَضِيدٍ (٣) {رِزْقًا لِلْعِبَادِ (١١)}، مفعول من أجله؛ أي: أنْبَتْنا هذه الأشياءَ للرزق، وقيل: هو منصوب على المصدر (٤).

ثم ذكر الأُمَمَ المُكَذِّبةَ تخويفًا لكفار مكة، فقال: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ (١٢)} إلى قوله: {فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أي: وَجَبَ عليهم عذابِي، وحَقَّتْ عليهم كلمةُ


(١) قال الفراء: "والحَبُّ هو الحصيد، وهو مما أُضِيفَ إلى نفسه مثل قوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}، ومثله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} والحبل هو الوريد بعينه، أُضِيفَ إلى نفسه لاختلاف اسْمَيْهِ". معانِي القرآن ٣/ ٧٦.
(٢) ينظر قول المبرد في الأصول لابن السراج ٢/ ٨، إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٢١، أمالِيُّ ابن الشجري ٢/ ٦٨، ٦٩.
(٣) قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٧٦، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤١٨.
(٤) هذان الوجهان قالهما الزجاج والنحاس، وإذا كان مصدرًا فالعامل فيه معنى الجملة قبله، أي: رَزَقْناهُمْ رِزْقًا؛ لأن إنباته هذه الأشياء رِزْقٌ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٤٣، إعراب القرآن ٤/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>