للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المشركين كانوا يقولون: الملائكة بنات اللَّه، تَعالَى اللَّهُ عن ذلك وتَعَظَّمَ، فنَزَّهَ نَفْسَهُ عما قال المشركون، فقال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)} يعني: ناقصة، وقيل: جائرة غير عادلة، حيث جَعَلُوا للَّهِ ما يَكْرَهُونَ لأنفسهم من نِسْبةِ الإناث إلى اللَّه -جَلَّ اسْمُهُ وتَعالَى عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا-.

يقال: ضازَهُ حَقَّهُ إذا نَقَصَهُ، وضازَ فِي الحُكْمِ: إذا جارَ فيه (١)، قرأ ابن كثير: "ضِئْزَى" (٢) بالهمز، وضَأزَ يَضْأزُ ضَأْزًا: إذا ظَلَمَ ونَقَصَ، قال الشاعر:

٢٩٦ - ضازَتْ بَنُو أسَدٍ بِحُكْمِهِمُ... إذْ يَجْعَلُونَ الرَّأْسَ كالذَّنَبِ (٣)

وتقدير "ضِيزَى" من الكلام "فُعْلَى" بضم الفاء؛ لأنها صفة، والصفات لا تكون إلا على "فُعْلَى" بضم الفاء، نحو حُبْلَى وأُنْثَى وبُشْرَى، أو "فَعْلَى" بفتح الفاء، نحو: غَضْبَى وسَكْرَى وعَطْشَى، وليس في كلام العرب "فِعْلَى" بكسر الفاء في النعوت، إنما يكون في الأسماء مثل ذِكْرَى وشِعْرَى، وإنما


(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٧٣، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٤٩.
(٢) هذه قراءة ابن كثير وحده، ينظر: السبعة ص ٦١٥. قال الفارسي: "ولا ينبغي أن يكون ابن كثير أراد بـ "ضِئْزَى" فُعْلَى؛ لأنه لو أراد ذلك لكان ضُوزَى، ولَمْ يُرِدْ به، أيضًا، فِعْلَى صفة؛ لأن هذا البناء لَمْ يَجِئْ صفةً، ولكن ينبغي أن يكون أراد به المصدر مثل الذِّكْرَى، فكأنه قال: قِسْمةٌ ذاتَ ظُلْمٍ، فعلى هذا يكون وجه قراءته". الحجة ٤/ ٦.
(٣) البيت من الكامل، لامرئ القيس، وهو بيت مفرد في ملحق ديوانه، وروايته فيه:
إذْ يَعْدِلُونَ الرَّأْسَ بِالذَّنَبِ
التخريج: ملحق ديوانه ص ٤٥٧، الكشف والبيان ٩/ ١٤٦، شمس العلوم ٦/ ٤٠٢٧، تفسير القرطبي ١٧/ ١٠٢، البحر المحيط ٨/ ١٥٢، الدر المصون ٦/ ٢٠٩، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ١٨٣، روح المعانِي ٢٧/ ٥٧، فتح القدير ٥/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>