للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلك زوجي، وجعلني زوجك، {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}؛ أي: لَمْ يُجامِعْهُنَّ، ولَمْ يَفْتَرِعْهُنَّ، وقرأ الكسائي بِضَمِّ الميم هاهنا، وكَسَرَها في الثانِي كغيره (١)، قال الفراء (٢): الطَّمْثُ: الافْتِضاضُ، وهو النكاح بالتَّدْمِيةِ.

يقال (٣): طَمَثَ يَطْمُثُ ويَطْمِثُ، وطَمَثْتُ الجارِيةَ: إذا افْتَرَعْتَها، وأصله من الدَّمِ، ومنه قيل للحائض: طامِثٌ، كأنه قال: لَمْ يُدْمِهِنَّ أحَدٌ بالجِماعِ {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) قال الشاعر:

٣١٨ - دُفِعْنَ إلَيَّ، لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي... وَهُنَّ أصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعامِ (٤)


(١) يعني في الآية ٧٤ من هذه السورة، وستأتي ص ٢٨٠ فقد رَوَى كثيرٌ من الأئمة عن الكسائي ضَمَّ الميمِ في الأول وكَسْرَها في الثانِي، وخاصة عن الدُّورِيِّ، ورَوَى آخرون عن أبي الحارث عن الكسائي كَسْرَ الميم فِي الأول وضَمَّها في الثاني، ورَوَى بَعْضُهُمْ عن أبِي الحارث عن الكسائي الكسرَ فيهما معًا، ورَوَى بعضُهم عنه ضَمَّهُما معًا، ورَوَى ابنُ مجاهد عن ثعلب عن سلمة بن عاصم عن أبِي الحارث عن الكسائيِّ الضَّمَّ والكَسْرَ فيهما، لا يُبالِي كيف يقرؤهما، ورَوَى الأكثرون عن الكسائي التخيير فيهما؛ أي: أنه إذا ضَمُّ الأوَّلَ كَسَرَ الثانِيَ، وإذا كَسَرَ الأوَّل ضَمَّ الثانِيَ، وقرأهما بالضم عَلِيُّ بن أبِي طالب وابنُ مسعودٍ وطلحة وعيسى بن عمر وأبو حَيْوةَ، قال الأزهري: "هما لغتان، طَمَثَ الرُّجُلُ الجارِيةَ البِكْرَ يَطْمِثُها ويَطْمُثُها: إذا دَمّاها حين جامَعَها". معانِي القراءات ٣/ ٤٨، وينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٩، الحجة للفارسي ٤/ ١٨ - ١٩، السبعة ص ٦٢١، البحر المحيط ٨/ ١٩٦، النشر ٢/ ٣٨١ - ٣٨٢، الإتحاف ٢/ ٥١٢.
(٢) الذي قاله الفراء: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}: لَمْ يَفْتَضِضْهُنَّ، قال: وطَمَثَها؛ أي: نَكَحَها، وذلك لِحالِ الدُّمِ". معانِي القرآن ٣/ ١١٩، أما النص الذي أورده المؤلف هنا فهو ما نُقِلَ عن الفراء في كتب التفسير.
(٣) قاله الليث كما ذكر الأزهري في التهذيب ١٣/ ٣١٦، وينظر: الوسيط ٤/ ٢٢٧.
(٤) البيت من الوافر للفرزدق من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك، ويُروَى: "مَشَيْنَ إليَّ"، ويُرْوَى: "وَقَعْنَ إلَيَّ"، ويُرْوَى: "خَرَجْنَ إلَيَّ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>