للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرفعِ (١)؛ أي: لا تكون الغنيمةُ والأموالُ، ورفع "دُولةٌ" على اسم "كانَ"، وجعل الكَيْنُونةِ بمعنى الوقوع، وحينئذ لا خَبَرَ لَها.

وأجمع القُرّاءُ على ضَمِّ الدّالِ إلا ما حُكِيَ عن أبِي عبد الرحمن السُّلَمِيِّ، فإنه فَتَحَ الدّالَ، قال عيسى بن عُمَرَ (٢): وهما لغتان بمعنًى واحدٍ، وفَرَّقَ الآخرون بينهما (٣)، فقالوا: الدَّوْلةُ -بالفتح-: القَهْرُ والغَلَبةُ فِي الحَرْبِ وغَيْرِها، وهو مصدر، والدُّولةُ بالضَّمِّ: اسْمٌ للشيءِ الذي يَتَداوَلُونَهُ النّاسُ بينهم، مثل العارية تكون لِهَذا مَرّةً ولِهَذا مَرّةً، فالدَّوْلةُ -بالفتح- فِي الأيام، وبالضَّمِّ فِي الأموال.

ومعنى الآية: كَي لا يَكُونَ الفَيءُ دُولةً {بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} والرؤساء والأقوياء، فَيَغْلِبُوا عليه الفُقَراءَ والضُّعَفاءَ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غَنِمُوا غَنِيمةً أخَذَ الرَّئِيسُ رُبُعَها، وهو المِرْباعُ، ثم يَصْطَفِي منها أيضًا بعد


(١) قرأ ابن مسعود وأبو جعفر وأبو حَيْوةَ والأعرجُ وابن عامر، فِي رواية هشام عنه: "كَي لا تَكُونَ دُوْلةٌ" بالتاء والرفع، ورُوِىَ عن هشامٍ التذكيرُ والنصبُ كقراءة الجمهور، وقرأ عَلِيُّ ابنُ أبِي طالب والسُّلَمِيُّ وأبو حَيْوةَ وابن عامر وأبو جعفر: "دَوْلةً" بفتح الدال والنصب، ينظر: السبعة ص ٦٣٢، مختصر ابن خالويه ص ١٥٤، تفسير القرطبي ١٨/ ١٦، البحر المحيط ٨/ ٢٤٤، النشر ٢/ ٣٨٦، الإتحاف ٢/ ٥٣٠.
(٢) ينظر قوله في إصلاح المنطق ص ١١٥، شفاء الصدور ورقة ١١٦/ أ، تهذيب اللغة ١٤/ ١٧٥، الصحاح ٤/ ١٧٠٠، الكشف والبيان ٩/ ٢٧٦، المحرر الوجيز ٥/ ٢٨٦، تفسير القرطبي ١٨/ ١٦، البحر المحيط ٨/ ٢٤٤.
(٣) مِمَّنْ فَرَّقَ بينهما: أبو عمرو بن العلاء والكسائي والفراء والأخفش وأبو عبيد والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٤٥، معانِي القرآن للأخفش ص ٤٩٧، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٤٦، وينظر قول أبِي عمرو فِي إصلاح المنطق ص ١١٥، شفاء الصدور ورقة ١١٦/ أ، تهذيب اللغة ١٤/ ١٧٥، وقول أبِي عبيد في الصحاح ٤/ ١٧٠٠، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ٢٧٢، المحرر الوجيز ٥/ ٢٨٦، البحر المحيط ٨/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>