للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {كَانُوا يَعْمَلُونَ} صفةُ {مَا}، والهاء محذوفة؛ أي: يَعْمَلُونَهُ، وقال الأخفش (١): {مَا} نكرة. في موضع نصب، و {كَانُوا يَعْمَلُونَ} نَعْتُهُ، والهاء محذوفة أيضًا من الصفة، وحَذْفُها من الصِّلةِ أحْسَنُ، وهو جائز من الصِّفةِ.

وقال ابن كيسان (٢): {مَا} والفعل مصدر في موضع رفع بـ {سَاءَ}. فلا يُحْتاجُ إلَى هاءٍ محذوفة على قوله.

{ذَلِكَ} رفع بالابتداء؛ أي: ذلك الكَذِبُ {بِأَنَّهُمْ آمَنُوا} باللسان {ثُمَّ كَفَرُوا} بالسِّرِّ {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} بالكفر {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٣)} الإيمان والقرآن.

قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ} يا محمد، يعني المنافقين {تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} في المَنْطِقِ والصُّورةِ والحُسْنِ، قيل: إنهم كانوا أحسن الناس وُجُوهًا، وقال


= وأما ما ذكره المؤلف هنا من أن التقدير على مذهب سيبويه: ساءَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَهُ، فمعناه أن "ما" موصولة، وهو مذهب الفارسي، وليس مذهب سيبويه، فقد قال الفارسي: "فقوله: "بئْسَما اشْتَرَوْا بهِ أنْفُسَهُمْ" يجوز عندي أن تكون "ما" موصولة، وموضعها رفع بكونها فاعَلة لـ "بِئْسَ". الإغفال ١/ ٣٥٠، وقاله أيضًا في المسائل المشكلة ص ٢٥١ وما بعدها، والمسائل الشيرازيات ص ٤٨٧ - ٤٩٠.
(١) قال الأخفش: "وقال: "إنْ اللَّهَ نِعِمّا. يَعِظُكُمْ بهِ"، فـ "ما" هاهنا اسم وليست له صِلةٌ؛ لأنك إن جَعَلْتَ "يَعِظُكُمْ بِهِ" صلة لـ "ما" صار كقوَلك: إنَّ اللَّهَ نِعْمَ الشَّيءُ أو نِعْمَ شَيْئًا، فهذا ليس بكلام، ولكن تجعل "ما" اسما وحدها كما تقول: غَسَلْتُهُ غَسْلًا نِعِمّا، تريد به: نِعْمَ غَسْلًا، فإن قيل: كيف تكون "ما" اسمًا وَحْدَها وهي لا يُتَكَلَّمُ بِها وحدها؟ قلت: هي بمنزلة: يا أيها الرجلُ؛ لأن "أيًّا" هاهنا اسم، ولا يُتَكَلَّمُ به وحده حتى يوصف، فصار "ما" مثل الموصوف هاهنا". معانِي القرآن ص ٣٧، ٣٨، وقال مثله في ص ١٣٩.
(٢) ينظر قوله فِي إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٢٤٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٨٠، البيان للأنباري ٢/ ٤٤٠ - ٤٤١، والتقدير على قول ابن كيسان: ساءَ العَمَلُ عَمَلُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>