للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن تكون "لا" صلةً، فيكون الكلام بمعنى التمني (١)، ويجوز أن تكون بمعنى "هَلّا"، وهو قول الزَّجّاجِ (٢)، فيكون استفهامًا، فإن قيل: كيف يَصِحُّ معنى التوبيخ والإنكار في قوله تعالى: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، وهو بمعنى: هَلّا أخَّرْتَنِي؟ قيل: فيه جوابان:

أحدهما: أن هذا يجري مَجْرَى مخاطبة الإنسان لنفسه مُوَبِّخًا لَها، وإن كان في الظاهر خطابًا لإلَهِنا -تبارك وتعالى-.

والآخر: أن هذا دعاء؛ لأن كل ما كان من هذا النوع لِمَنْ هُوَ دُونَكَ فهو بمعنى الأمْرِ، وما كان لِمَنْ هو فَوْقَكَ فهو بمعنى الدعاء، وما كان لمن هو مِثْلُكَ فهو بمعنى السؤال، وإن اشْتَرَكَ اللفظُ فالمعنى مختلف، ونصب {فَيَقُولَ} لأنه عطف على قوله: {أَنْ يَأْتِيَ}.

وقوله: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)} أُؤَدِّي الفرائضَ، وأجْتَنِبُ المَحارِمَ، والتقدير: وَأكُنْ صالِحًا من الصالحين.

واختلف القُرّاءُ فيه (٣)، فقرأ أبو عمرو والحسن وابن مُحَيْصِنٍ: {وَأكُونَ} بالواو ونصب النون، وقرأ الباقون: {وَأَكُنْ} بغير واو، فمن حذف الواو عطفها على موضع الفاء قبل دخول الفاء؛ لأن موضعها جَزْمٌ على التَّمَنِّي؛ أي:


(١) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٣٢٣، وينظر: تفسير القرطبي ١٨/ ١٣١.
(٢) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٧٨.
(٣) قرأ ابن مسعود وأبَيُّ بن كعب وأبو عمرو والحسن وابن جبير وأبو رجاء وابن أبِي إسحاق ومالك بن دينار والأعمش وابن محيصن ومجاهد وعبد اللَّه بن الحسن العنبري: "وَأكُونَ" بالنصب، وقرأ عبيد بن عمير: "وَأكُونُ" بالرفع، وقرأ الباقون: "وَأكُنْ" بالجزم، ينظر: السبعة ص ٦٣٧، تفسير القرطبي ١٨/ ١٣١، البحر المحيط ٨/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>