للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} مبتدأ وخبر، ويجوز في غير القرآن نصب {يَوْمُ} على الظرف (١).

والتَّغابُنُ: التفاعل من الغَبْنِ، وهو اسم للقيامة، سميت بذلك لأنه غَبَنَ فيه أهْلُ الحَقِّ أهْلَ الباطل، وأهْلُ الإيمان أهْلَ الكُفْرِ، وأهْلُ الجَنّةِ أهْلَ النار، وأصل الغَبْنِ النَّقْصُ في المعاملة والمُبايَعةِ والمُقاسَمةِ (٢)، قال الشاعر:

٣٦٣ - لَعَمْرُكَ ما شَيْءٌ يَفُوتُكَ نَيْلُهُ... بِغَبْنٍ، وَلَكِنْ فِي العُقُولِ التَّغابُنُ (٣)

وقيل: يَغْبِنُ فيه المَظْلُومُ الظّالِمَ، وقيل (٤): لأنه يخفى عن الخلق، والغَبْنُ: الاخْتِفاءُ، ومنه: مَغابِنُ الجَسَدِ (٥)، وغَبْنُ البَيْعِ لاستخفائه، وفِي الحديث: "ما مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَدْخُلُ الجَنّةَ إلا أُرِيَ مَكانَهُ في النارِ لو أساءَ لِيَزْدادَ شُكْرًا، وما مِنْ عَبْدٍ كافرٍ يَدْخُلُ النارَ إلّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ في الجنة لو أحْسَنَ لِيَزْدادَ حَسْرةً" (٦)، رواه أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٤٤.
(٢) ذكر العلماء أن الغَبْنَ بالتسكين يكون في البيع، وأن الغَبَنَ بالتحريك يكون في الرَّأْيِ، قال ابن السكيت: "والغَبْنُ في الشراء والبيع، يقال: غبَنَهُ يَغْبُنُهُ غَبْنًا، والغَبَنُ: ضَعْفُ الرَّأْيِ، يقال: في رَأْيهِ غَبَنٌ، وقد غَبِنَ رَأْيُهُ". إصلاح المنطق ص ٥٤، ٩٧، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ٨/ ١٤٨، الصحاح ٦/ ٢١٧٢، ٢١٧٣، تصحيح الفصيح وشرحه لابن درستويه ص ٩٩، ١٠٠.
(٣) البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى: "لَعَمْرِيَ".
التخريج: أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي ص ١٦، المناقب والمثالب للخوارزمي ص ٢٨، عين المعانِي للسجاوندي ورقة ١٣٤/ ب.
(٤) هذا القول والذي قبله حكاهما السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة ١٣٤/ ب.
(٥) مَغابِنُ الجَسَدِ: جمع مَغْبِنٍ وهي الإبِطُ والرُّفْغُ، وقيل: كل ما ثنيت عليه فخذك فهو مغبن، ينظر: تهذيب اللغة ٨/ ١٤٨، اللسان: غبن.
(٦) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٥٤١، والبخاريُّ في صحيحه ٧/ ٢٠٤ كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، والطبرانِيُّ في مسند الشاميين ٤/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>