للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)} يعني: جُمِعَ بينهما في ذَهابِ الضَّوْءِ كالبَعِيرَيْنِ القَرِينَيْنِ، قال عَلِيُّ بن أبِي طالب -رضي اللَّه عنه-: "يُجْعَلَانِ في نُورِ الحُجُبِ" (١)، وَرُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الشَّمْسُ والقَمَرُ ثَوْرانِ يُكَوَّرانِ يَوْمَ القيامة" (٢).

{يَقُولُ الْإِنْسَانُ} المُكَذِّبُ بيوم القيامة {يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠)} يعني: أين المَهْرَبُ حَتَّى أُحْرِزَ نَفْسِي؟، فيقول اللَّه تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) أي: لا مَلْجَأ وَلَا مَفَرَّ ولَا جَبَلَ ولَا حِرْزَ يُلْجَأُ إليه، وحِمْيَرُ تُسَمِّي الجَبَلَ وَزَرًا (٣)، قرأ العامة: {الْمَفَرُّ} بفتح الفاء وهو الاختيار لأنه مصدر، وبالكسر (٤): موضع القرار مثل المَطْلَعِ والمَطْلِعِ (٥).


(١) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ١٨٤/ أ، الكشف والبيان ١٥/ ٨٤.
(٢) رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة في صحيحه ٤/ ٧٥ كتاب بدء الخلق: باب صفة "الشمْسُ والقَمَرُ بحُسْبانٍ" بلفظ "الشمس والقمر مكوران"، وينظر: شفاء الصدور ورقة ١٨٤/ أ، الجامع الَصغير ٢/ ٨٦، الدر المنثور ٦/ ٣١٨، كنز العمال ٦/ ١٥٢.
(٣) روى الطبري عن الضحاك قال: "كَلا لَا وَزَرَ" يعني الجبل بلغة حِمْيَرَ". جامع البيان ٢٩/ ٢٢٧، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٢، شفاء الصدور ورقة ١٨٤/ أ، تهذيب اللغة ١٣/ ٢٤٣.
(٤) وقد قرأ: "المَفِرُّ" بكسر الفاء ابنُ عباس والحَسَنُ بن عَلِيِّ والحَسَنُ بن زيد وعكرمة والحَسَنُ البصريُّ وأيوب السِّخْتِيانِيُّ وكُلْثُومُ بن عِياضٍ ومجاهد وابن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى بن عمر وابن أبِي إسحاق وأبو حَيْوةَ وابن أبِي عَبْلةَ والزهري، ينظر: تفسير القرطبي ١٩/ ٩٧، البحر المحيط ٨/ ٣٧٧.
(٥) قال سيبويه: "قال اللَّه عزَّ وجلَّ: "أيْنَ المَفَرُّ" يريد: أيْنَ الفِرارُ؟، فإذا أراد المكان قال: المَفِرُّ، كما قالوا: المَبِيتُ حين أرادوا المكان، لأنها من: باتَ يَبيتُ". الكتاب ٤/ ٨٧، ٨٨، وينظر: أدب الكاتب ص ٤٤٤، الأصول ٣/ ١٤١، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٢، إعراب القرآن ٥/ ٨١، الصحاح ٢/ ٧٨٠، اللسان: فرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>