للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {لَكَ} في هذا الموضع بمعنى "بكَ"؛ لأن العرب تضع هذه اللام موضع الباء، تقول: لِما صَبَرُوا، والمعنى: أولَى لَكَ فَأوْلَى، فَكَرَّرَهُ على وجه التأكيد (١).

وقال بعض أهل اللغة (٢): جاء {أَوْلَى} غَيْرَ مُنَوَّنٍ؛ لأن تقديره "أفْعَلُ"، مثل: أعْمَى وَأعْشَى، ومعناه من الوَيْلِ، ويُقالُ (٣): إن الوَيْلَ مُشْتَقٌّ من فعل قد مات فِعْلُهُ، ومنه قول جَرِيرٍ:

٤٣٩ - يَضْرِبْنَ بِالأكْبادِ وَيْلًا وائِلا

يَتْرُكْنَ أطْرافَ الخُصَى جَلاجِلا (٤)


= في شفاء الصدور ورقة ١٨٥/ ب، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٣١٣، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٤٤، البحر المحيط ٨/ ٧٢، الدر المصون ٦/ ١٥٣.
(١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٨٦/ أ.
(٢) حكاه النَّقّاشُ عن رَجُلٍ من أهل اللغة دون أن يُسَمِّيَهُ في شفاء الصدور ورقة ١٨٦/ أ، ومعنى هذا الكلام أن "أوْلَى" ممنوع من الصرف للصفة ووزن الفعل، والصواب أنه ممنوع للعلمية ووزن الفعل، وقال بعضهم: إن "أوْلَى" وزنه "فَعْلَى"، والألف فيه للإلحاق لا للتأنيث، قال العكبري: "وهو على القولين هنا عَلَمٌ، فلذلك لَمْ يُنَوَّنْ، ويَدُلُّ عليه ما حُكِيَ عن أبِي زيدٍ فِي النوادر: هي أوْلاةُ بالتاء غير مصروف". التبيان ص ١٢٥٥، وينظر: المحرر الوجيز ٥/ ١١٧، البيان للأنباري ٢/ ٤٧٥، ٤٧٨، شرح الكافية للرضي ٣/ ٣٢٩.
(٣) حكاه النقاش أيضًا بغير عزو فِي شفاء الصدور ورقة ١٨٦/ أ، وابن فارس في الصاحبي ص ٢٨٥، ٢٨٦، وحكاه أبو حيان عن الجرجاني في البحر المحيط ٨/ ٧٢، وينظر: الدر المصون ٦/ ١٥٣.
(٤) البيتان من الرجز المشطور لجرير، من قصيدة يهجو بها غَسّانَ بن ذُهَيْلٍ السُّلِيطِيُّ، ورواية الثاني في ديوانه: "يَتْرُكُ أصْفانَ الخُصَى"، والضمير في "يَضْرِبْنَ" يعود إلى الحَمِيرِ التي ذكرها في بيت سابق، يريد: أن هذه الحَمِيرَ يَضْرِبْنَ بُطُونَهُنَّ بِجَرادِينَ ضِخامٍ، ووَيْلًا وائِلًا؛ أي: شَدِيدًا جِدًّا، الأصْفانُ: جمع صَفَنٍ وهو جِلْدُ الأُنثْيَيْنِ، الجَلَاجِلُ: الأجْراسُ، واحدها جُلْجُلٌ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>