للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدير {فَأَوْلَى}: "أفْعَلُ" من الوَيْلِ، وكان يجب أن يكون أويلَ، إلّا أن عين الفعل جُعِلَتْ موضع اللام، وَجُعِلَت اللامُ موضع اللام، كما قالوا: قَوْسٌ وَقِسِيٌّ.

ومعنى الآية: كأنه يقول لأبِي جَهْلٍ: الوَيْلُ لَكَ يَوْمَ تَجِيءُ، والوَيْلُ لَكَ يَوْمَ تَمُوتُ، والوَيْلُ لَكَ يَوْمَ تُبْعَثُ، والوَيْلُ لَكَ يَوْمَ تَدْخُلُ النّارَ، وَرُوِيَ أن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "لِكُلِّ أُمّةٍ فِرْعَوْنٌ، وَإن فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمّهِ أبو جهل - لَعَنَهُ اللَّهُ" (١).

وقوله: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} يعني أبا جهل {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أي: مُهْمَلًا فلا يُؤْمَرَ بخَيْرٍ، ولا يُنْهَى عن شَرٍّ، ولا يُحاسَبَ بِعَمَلِهِ في الآخرة، كقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} (٢)، يُقالُ: أسْدَيْتُ حاجَتِي؛ أي: ضَيَّعْتُها، وَإبِلٌ سُدًى: تَرْعَى حيث شاءَتْ بلا راعٍ، و {سُدًى} فِي موضع نصب على الحال (٣)، وإن شئت على خَبَرِ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ (٤)، وقرأ أهل الكوفة: "سُدَى" بالإمالة فِي حال الوقف (٥).


= التخريج: ديوانه ص ٩٧٤، شرح نقائض جرير والفرزدق ١/ ٢٩، ٣٠، تهذيب اللغة ١٢/ ٢٠٧، الصاحبي ص ٢٨٥، المحكم والمحيط الأعظم ٥/ ٢١٣، اللسان: صفن، غضض.
(١) رواه عبد الرزاق في تفسيره ٣/ ٣٨٤، وينظر: جامع البيان ٣٠/ ٣٢٢، الكشف والبيان ١٠/ ٩٢.
(٢) المؤمنون ١١٥.
(٣) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٩٣، وصاحب الحال هو الضمير في قوله: "يُتْرَكَ"، و"أنْ يُتْرَكَ" في تأويل مصدرٍ سَدَّ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ "حَسِبَ"، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٣٣، التبيان للعكبري ص ١٢٥٦، الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٥٧٩.
(٤) أي: أنه مفعول ثانٍ لـ "يُتْرَكَ"، والأول هو نائب الفاعل وهو الضمير المستتر، ولَمْ أقف على صاحب هذا القول.
(٥) ينظر: التيسير للدانِي ص ١٥١، النشر ٢/ ٣٧، الإتحاف ٢/ ٥٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>