للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧)} يُمْنِيها الرَّجُلُ في الرَّحِمِ أي: يَصُبُّها، قرأ الحسن وابن مُحَيْصِنٍ ويعقوبُ وسَلَّامٌ: {يُمْنَى} بالياء، وهي رواية حَفْصٍ والمُفَضَّلِ عن عاصم واختيار أبِي عُبَيْدٍ لأجل المَنِيِّ، وقرأ الباقون بالتاء (١) لتأنيث النُّطْفةِ، وهو اختيار أبِي حاتم.

ومعنى قوله: {يُمْنَى}؛ أي: تُقَدَّرُ وَتُخْلَقُ، والمَنِي مُشَدَّدٌ وهو الذي يخرج بالشهوة مُتَتابعًا، والذي يخرج بعد البول: الوَدْيُ، وهو مُخَفَّفٌ، وَحُكِيَ بالتشديد أيضًا (٢).

قوله: {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً} يعني: بَعْدَ النُّطْفةِ، والعَلَقةُ: الدَّمُ {فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨)} يعني: فَسَوَّى خَلْقَهُ {فَجَعَلَ مِنْهُ} يعني: مِنَ الدَّمِ {الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} الذَّكَرُ زَوْجٌ، والأُنْثَى زَوْج، وهما بَدَلٌ من {الزَّوْجَيْنِ}، و {فَجَعَلَ} هاهنا بمعنى "خَلَقَ"، فلذلك تعدى إلَى مفعول واحد (٣).

قوله: {أَلَيْسَ ذَلِكَ} يعني الذي فعل هذا {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)} وهذا تقريرٌ لَهُمْ؛ أي: مَنْ قَدَرَ على الابتداء أقْدَرُ على البعث بعد الموت، وفي هذه


(١) قرأ: "يُمْنَى" بالياء أيضًا الجَحْدَرِيُّ ومجاهدٌ وهشامٌ في روايةٍ عنه، وأبو عمرو في روايةِ عَيّاشٍ عنه، وقرأ ابنُ كثير ونافعٌ وأبو بكر عن عاصمٍ، وحمزةُ والكسائي وهشامٌ، وهارونُ عن أبِي عمرو: "تُمْنَى" بالتاء، ينظر: السبعة ص ٦٦٢، تفسير القرطبي ١٩/ ١١٧، النشر ٢/ ٣٩٤، البحر المحيط ٨/ ٣٨٢، الإتحاف ٢/ ٥٧٥.
(٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٨٦/ ب، قال الأزهري: "وروى أبو عبيد: قال الأُمَوِيُّ: هو المَذْيُّ والمَنِيُّ والوَدِيُّ مُشَدَّداتٍ، قال: وغَيْرُهٌ يخفف، قال: وقال أبو عبيد: المَنِيُّ وحده مشدد، والآخران مخففان، ولا أعلمني سَمِعْتُ التخفيف في المَنِيِّ". تهذيب اللغة ١٤/ ٢٣١، وينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٤١٨، الصحاح ٦/ ٢٥٢١ ودي، اللسان: مذي، مني، ودي.
(٣) قاله مَكّيُّ بن أبِي طالب في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>