للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهما لغتان في قول أكثر أهل اللسان، مثل الطَّمِعِ والطّامِعِ والبَخِلِ والباخِلِ والفَرِه والفارِه والحَذِرِ والحاذِرِ (١).

وَفَرَّقَ قَوْمٌ بينهما، فقالوا (٢): النَّخِرةُ: البالِيةُ، والنّاخِرةُ: المُجَوَّفةُ، والمعنى: أإنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافِرةِ؛ أي: فِي خَلْقِنا الأوَّلِ خَلْقًا جديدًا إذا كُنّا عِظامًا نَخِرةً.

{قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢) أي: غَيْرُ كائِنةٍ، أي: لا رَجْعةَ إلَى الحياة بعد الموت، و {تِلْكَ} ابتداء، و {كَرَّةٌ} خبره، و {إذًا} بمعنى: إذا كانَ كَذَلِكَ، قُلِبَتْ ألِفُها نُونًا لِتَدُلَّ على المحذوف بعدها، وهو نصب على الظرف، و {خَاسِرَةٌ} نعت {كَرَّةٌ}، ومعنى خاسِرة؛ أي: إنْ رُدِدْنا بعد الموت لَنَخْسَرَنَّ بِما يُصِيبُنا بعد الموت مِمّا يقول محمدٌ.

ثم أعْلَمَ اللَّهُ سُهُولةَ البعث عليه، فقال تعالى تكذيبًا لهم: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)} يعني: صَيْحةٌ واحِدةٌ، وهي النفخة الثانية يُصاحُ فيهم {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)} واختلفوا فيها، فقيل (٣): السّاهِرةُ: وَجْهُ الأرض، وسُمِّيَتْ ساهِرةً لأن فيها


(١) ممن يرى أنهما لغتان بمعنى واحد: الفراء وأبو عبيدة والأخفش وابن خالويه والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣١ - ٢٣٢، مجاز القرآن ٢/ ٢٨٤، إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٣٥، الحجة للفارسي ٤/ ٩٥.
(٢) سبق ما حكاه الفراء عن بعض المفسرين في التفريق بينهما، وممن فَرَّقَ بينهما أيضًا: الزَّجّاجُ وابن دريد والأزهريُّ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٧٩، جمهرة اللغة ١/ ٥٩٣، معانِي القراءات ٣/ ١١٩، تهذيب اللغة ٧/ ٣٤٥، وينظر أيضًا: شفاء الصدور ورقة ٢٠٥/ أ.
(٣) قاله ابن عباس وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وابن جبير وابن زيد والفراء والطبري، ينظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٣٢، جامع البيان ٣٠/ ٤٦ - ٤٨، تهذيب اللغة ٦/ ١٢١، زاد المسير ٩/ ٢٠، تفسير القرطبي ١٩/ ١٩٨ - ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>