للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال (١): وَسَقَ الشَّيْءُ: إذا عَلَا، وذلك أن الليل يَعْلُو كُلَّ شَيْءٍ ويُجَلِّلُهُ، ولا يَمْتَنِعُ منه شَيْءٌ، وقيل: هو مأخوذٌ من الوُسُوقِ وهو الحُمْرةُ.

وقيل (٢): معناه: وما ساقَ مِنْ ظُلْمَتِهِ إذا أقْبَلَ، والمعنى: ضَمَّ وَحَوَى وَلَفَّ وَجَمَعَ ما كان منتشرًا بالنهار في تَصَرُّفِهِ.

{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) أي: اجتمع واستوى واستدار وَتَمَّ نُورُهُ، وهو أحسن ما يكون، ويقال: اتَّسَقَ الشَّىْءُ: إذا تَتابَعَ ضِياؤُهُ، وهو "افْتَعَلَ" من الوَسْقِ.

وقوله: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩)} هذا جواب القسم، و {عَنْ} بمعنى "بَعْدَ"، قرأ أهل مكة وأهل الكوفة إلا عاصمًا بفتح الباء (٣)، والمعنى: لَتَرْكَبَنَّ يا محمدُ سماءً بَعْدَ سَماءٍ، وَدَرَجةً بَعْدَ دَرَجةٍ، وَرُتْبةً بَعْدَ رُتْبةٍ، وقرأ الآخرون بضمه وهو الاختيار؛ لأن المعنى بالناس أشبه بالخطاب، والمعنى: لَتَرْكَبُنَّ حالًا بَعْدَ حالٍ، ومَنْزِلًا بعد مَنْزِلٍ، وَأمْرًا بَعْدَ أمْرٍ فِي الآخرة.

والطَّبَقُ في اللغة هو الحال (٤)، والعرب تقول لِمَنْ وقع في أمرٍ شديدٍ:


= ١٩/ ٢٧٧، اللسان: وسق، البرهان للزركشي ١/ ٢٩٣، البحر المحيط ٨/ ٤٣٧، الدر المصون ٦/ ٤٩٩، التاج: وسق.
(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٩١، وأبو بكر السجستانِي في غريب القرآن ص ١٧٦.
(٢) قاله عكرمة والضحاك، ينظر: جامع البيان ٣٠/ ١٥١، ١٥٢، مجمع البيان ١٠/ ٣٠٦.
(٣) قرأ ابن مسعود وابن عَبّاسٍ ومجاهد وابن جُبَيْرٍ وابنُ كثير وَحَمْزةُ والكِسائِيُّ وخلفٌ وابنُ مُحَيْصِنٍ والأعمش ومسروق وأبو وائل والنَّخْعِيُّ والشَّعْبِيُّ وابنُ وَثّابٍ وأبو العالية: {لَتَرْكَبَنَّ} بفتح الباء، وقرأ الباقون بضم الباء، ينظر: السبعة ص ٦٧٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٧٨، البحر المحيط ٨/ ٤٤٠، الإتحاف ٢/ ٦٠٠.
(٤) قال ابن الأنباري في الزاهر ١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>