للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦)} يعني: أصحاب الأخدود قعود عند النار، وقيل: على الكَراسِيِّ يُعَذِّبُونَ المؤمنين، ومحل {هُمْ} رفع بالابتداء، و {قُعُودٌ} خَبَرٌ {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) أي: حُضُورٌ، وهو أيضًا ابتداء وخبر {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ} يعني: من المؤمنين؛ أي: ما كَرِهُوا منهم {إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} إلّا أنَّهُمْ آمَنُوا باللَّه {الْعَزِيز} في انتقامه {الْحَمِيدِ (٨)} في أفعاله {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {مُلْكُ} خبر اللام الزائدة فِي قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) أي: لَمْ يَخْفَ عليه ما صَنَعُوا، وهو خبر الابتداء.

ثم أخْبَرَ بما أعَدَّ للكفار، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}؛ أي: أحْرَقُوهُمْ بالنار، يقال: فَتَنْتُ الشَّيْءَ: إذا أحْرَقْتَهُ، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} (١)؛ أي: يُحْرَقُونَ ويُعَذَّبُونَ، وقوله: {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} يريد: مِنْ فِعْلِهِمْ ذلك وَشِرْكِهِم الذي كانوا عليه {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} بكفرهم {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠)} بما أحْرَقُوا المؤمنين، قيل (٢): إنَّ النار ارتفعت من الُأخْدُودِ إلَى المَلِكِ وأصحابِهِ، فَأحْرَقَتْهُمْ.

ثم ذكر ما أعَدَّ للمؤمنين، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ} ابتداءٌ وخَبَرٌ {الْكَبِيرُ (١١)} نعته.

قوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) أي: أخْذُهُ بالعقاب والانتقام إذا أخَذَ


(١) الذاريات ١٣.
(٢) قاله الربيع بن أنس والكلبي والفراء، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٥٣، الوسيط للواحدي ٤/ ٤٦١، مجمع البيان للطبرسي ١٠/ ٣١٨، التبيان للطوسي ١٠/ ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>