للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر الفَرّاءُ لها وجهًا، فقال (١): أضمَر المصدر في {نُجِّي} فنَوَى به الرَّفعَ، ونَصَبَ {الْمُؤْمِنِينَ} كقولك: ضُرِبَ الضربُ زيدًا، ثم تقول: ضُرِب زيدًا، على إضمار المصدر. وأنشد ابنُ قُتيبةَ حجةً لهذه القراءة (٢):

٨ - ولَوْ وَلَدَتْ قُفَيْرةُ جَرْوَ كَلْبٍ... لَسُبَّ بِذَلِكَ الجَرْوِ الكِلَابا (٣)

قال أبو عليٍّ الفارسيُّ (٤): هذا إنَّما يَجُوزُ في ضرورة الشعر، وراوِي هذه القراءةِ عن عاصم غالطٌ في الرواية، فإنه قرأ: {نُنْجِي} بنونَيْن كما روى حفصٌ، ولكن النونَ الثانية من {نُنْجِي} تخفى مع الجيم، ولا يجوز تبيينها، فالتبس على السامع الإخفاءُ بالإدغام فظُنَّ أنه إدغام، ويدلُّ على هذا إسكانه الياءَ من {نُجِّي} ونَصْبُ قوله: {الْمُؤْمِنِينَ}، ولو كان على ما لم يُسَمَّ فاعله ما سكَّن الياء، ولَوَجَبَ أن ترفع {الْمُؤْمِنِينَ}.


(١) معاني القرآن ٢/ ٢١٠، وهذا رأي الكوفيين والأخفش، أما البصريون فإنهم لا يرتضونه؛ لأنهم لا يجيزون نيابة المصدر مع وجود المفعول الصريح لما في ذلك من عدم الفائدة، ينظر: شرح التسهيل لابن مالك ٢/ ١٢٨، ١٢٩، المساعد ١/ ٣٩٨، ٣٩٩.
(٢) تأويل مشكل القرآن ص ٥٥، ٥٦، على أن إنشاد ابن قتيبة لهذا البيت لا يعني أنه يؤيد هذا الوجه كما يوهم كلام الجبلي هنا.
(٣) البيت من الوافر لجرير يهجو الفرزدق، وليس في ديوانه.
اللغة: قُفَيْرةُ: اسم أم الفرزدق، الجَرو مثلثة الجيم: ولد السباع ومنها الكلب.
التخريج: إعراب القراءات السبع ٢/ ٦٦، الخصائص ١/ ٣٩٧، الكشف والبيان ٦/ ٣٠٤، أمالي ابن الشجري ٢/ ٥١٨، شرح الجمل لابن بابشاذ ١/ ١٥٥، شرح المفصل ٧/ ٧٥، عين المعاني ٨٤/ ب، شرح التسهيل لابن مالك ٢/ ١٢٨، شرح الكافية للرضي ١/ ١٩٣، خزانة الأدب ١/ ٣٣٧.
(٤) نقل المؤلف كلام الفارسي مختصرًا من الحجة ٣/ ١٦٠، ١٦١، وينظر أيضًا: المسائل البغداديات ص ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>