للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: اللام متعلقة بفعل مضمر تقديره: اعْجَبُوا لإيلاف قريش رِحْلةَ الشتاء والصيف، وَتَرْكِهِمْ عِبادةَ رَبِّ هذا البيتِ، وهذا مذهب الفَرّاءِ (١)، وقال الخليل (٢): اللّام متعلقة بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا}، كأنه قال: لأنْ آلَفَ اللَّهُ قُرَيْشًا إيلَافًا {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.

وإنما سُمُّوا قُرَيْشًا من التَّقَرُّشِ، وهو التَّكَسُّبِ والتَّغَلُّبِ والجمعِ والطَّلَبِ (٣)، وقيل: سُمُّوا قُرَيْشًا لِدابّةٍ في البحر يُقال لَها: القِرْشُ، تَأْكُلُ ولا تُؤْكَلُ، وَتْعُلو وَلا تَعْلِى، رُوِيَ ذلك عن ابن عَبّاسٍ (٤)، فقال له معاويةُ: وهل تعرف ذلك العَرَبُ في أشْعارِها؟ قال: نعم، قال: فَأنْشِدْ في ذلك شيئًا، فَأنْشَدَ شِعْرَ الجُمَحِيِّ (٥)، إذْ يقول:

٥٥٣ - وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْـ... رَ، بِها سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشا

سُلِّطَتْ بِالْعُلُوِّ فِي لُجّةِ الْبَحْـ... رِ عَلَى سائِرِ الْبُحُورِ جُيُوشا


= الحجة للفارسي ٤/ ١٤٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥٠٢، المكتفى للدانِي ص ٣٩٣.
(١) معانِي القرآن ٣/ ٢٩٣.
(٢) ينظر قول الخليل في الكتاب ٣/ ١٢٧، إعراب القرآن ٥/ ٢٩٣، إعراب القراءات السبع ٢/ ٥٣٤، إعراب ثلاثين سورة ص ١٩٦، المسائل المشكلة ص ١٨٧.
(٣) قاله ابن قتيبة في أدب الكاتب ص ٦٣، وحكاه الأزهري عن الليث واللحياني في تهذيب اللغة ٨/ ٣٢١، وينظر أيضًا: الكشف والبيان ١٠/ ٣٠١، الوسيط ٤/ ٥٥٦.
(٤) ينظر قوله في تهذيب اللغة ٨/ ٣٢١ - ٣٢٢، الكشف والبيان ١٠/ ٣٠١، الوسيط ٤/ ٥٥٦، تاريخ دمشق ٤١/ ٢٦٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٠٣.
(٥) هو وهب بن زَمْعة بن أسد؛ أبو دَهْبَلٍ الجُمَحِّي، من أشراف بني جُمَحَ، وأحد الشعراء العَشّاقِ بِمَكّةَ، مدح معاوية وعبد اللَّه بن الزبير، وله أخبار مع عَزّةَ الجُمَحِيّةِ وعاتكة بنت معاوية، في شعره رِقّةٌ وجزالة، وَلَّاهُ ابنُ الزبير بعض أعمال اليمن، وتوفِّي سنة (٦٣ هـ). [الشعر والشعراء ص ٦١٨ - ٦٢١، الأعلام ٨/ ١٢٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>