للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالتَيْن، وقَرأَ الباقونَ بغير ياءٍ في الحالتَيْن (١).

قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} يعني: المسجدَ الحرام، نزلت هذه الآيةُ في عبد اللَّه بن أَنيس بن خَطَل (٢)، قَتَلَ رجلًا من الأنصار، وارتدَّ عن الإسلام، وهرب إلى مكةَ كافرًا، فنزلت فيه (٣): {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} شرطٌ وجزاء، يعني: لَجأَ إلى الحرم {بِإِلْحَادٍ}؛ أي: بِمَيْلٍ عن الإسلام وبِظُلْمٍ، فيدخل إلى الحرم من أجل القِصاص منه مشركًا {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥)} جوابُ الشرط، والمعنى: أنه يريد إلحادًا بظلم، وهو الميل إلى الظلم، والباءُ فيه زائدةٌ، كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (٤)؛ أي: أنبتت الدهن (٥)، وقيل (٦): معنى {يُرِدْ} أراد به: بأن يُلْحِدَ بظلم، كما قال الشاعر:


(١) قرأ: {الْبادِي} بياء في الوصل فقط أبو عمرو وأبو جعفر ونافع في رواية ابن جماز وورش وإسماعيل بن جعفر عنه، وقرأ بإثبات الياء وصلًا ووقفًا ابن كثير ويعقوب، وقرأ الباقون ونافع في رواية المسيبي وابن أبي أويس بغير ياء لا في الوصل ولا في الوقف، ينظر: السبعة ص ٤٣٦، حجة القراءات ص ٤٧٥، التيسير ص ١٥٨، الإتحاف ٢/ ٢٧٤.
(٢) هو عبد العزى بن خطل وقيل: هلال بن خطل، أسلم وسماه الرسول عبد اللَّه وهاجر للمدينة، وبعثه الرسول ساعيًا ومعه رجل من خزاعة فَقَتَلَ الخُزاعِيَّ وهرب إلى مكة، وقال الشعر يهجو به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما كان فتح مكة تعلق بأستار الكعبة، فأمر الرسول بقتله. [الأنساب ٥/ ٢٩، سبل الهدى والرشاد ٥/ ٢٢٤].
(٣) ينظر في سبب نزولها: عين المعاني ورقة ٨٥/ ب، الدر المنثور ٤/ ٣٥١.
(٤) المؤمنون ٢٠.
(٥) قال بزيادة الباء: الأخفشُ في معاني القرآن ص ٤١٤، وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٤٨، ٥٦، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص ٢٥٠، قال النحاس: "وهذا عند أبي العباس خطأ؛ لأنه لا يزاد شيء لغير معنى". معاني القرآن للنحاس ٤/ ٣٩٥.
(٦) قاله الفراء والزَّجّاج، معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٢٢، معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>