للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"هَيْهاتَ": كنايةٌ عن البعد، يقال: هَيْهاتَ ما قلتَ؛ أي: البعيدُ ما قلتَ، وهيهاتَ لِما قلت؛ أي: البُعْدُ لِما قلت (١)، وإنما أُدخلت اللام معَ هَيْهاتَ في الاسم لأنَّها أداةٌ غير مشتقّةٍ من فعل، فأدخَلوا اللام معها في الاسم كما أدخلوها مع قولهم: هَلُمَّ لَكَ (٢).

قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ}؛ أي: عن قليلٍ، و"ما": صلةٌ لتقليل الفعل، نحو: سَبَبُ ما؛ أي: سَبَبُ وإن قَلَّ، وقوله {لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠)} يعني: على تكذيبهم وكفرِهم، واللام: لامُ جوابِ القسم المضمَر، تقديره: واللَّه لَيُصبِحُنَّ نادمينَ، والنُّون: تأكيدٌ لفعل جماعة الرجال، ولهذا ضَمَمتَ ما قبل النون.

{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ} يعنِي: صيحةَ العذاب، صاح بهم جِبْرِيلُ صيحةً واحدة، فماتوا عن آخِرِهِمْ، وقوله: {بِالْحَقِّ}؛ أي: باستحقاقِهم العذابَ بكفرِهم، {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً}؛ أي: هَلْكَى كالغُثاء، قال الشاعر:

٢٩ - وإِنَّما أَوْلادُنا بَيْنَنا... أَكْبادُنا تَمْشِي عَلَى الأَرْضِ (٣)


(١) قال النحاس: "العرب تقول: هيهاتَ هيهاتَ لما قلت، وهيهات ما قلت، فمن قال: هيهات لما قلت فتقديره: البعد لما قلت، ومن قال: هيهات ما قلت فتقديره: البعيد ما قلت". معاني القرآن ٤٥٦، ٤٥٧.
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٣٥، وينظر: معاني القراءات ٢/ ١٩٤.
(٣) البيت من السريع، لِحِطّانَ بنِ المُعَلَّى، وفِي العقد الفريد: المُعَلَّى الطائي، وقال المرزوقي: "خَطّابُ بنُ المُعَلَّى".
التخريج: عيون الأخبار ٣/ ٩٥، العقد الفريد ٢/ ٤٣٨، أمالي القالي ٢/ ١٨٩، شرح الحماسة للتبريزي ١/ ١٥٣، شرح الحماسة للمرزوقي ص ٢٨٨ المحاسن والمساوئ ص ٥٤٦، المناقب والمثالب ص ٣٥٢، بهجة المجالس ١/ ٧٦٧، عين المعاني ورقة ٨٨/ أ، الحماسة البصرية ص ٧٦٩، محاضرات الأدباء ١/ ٣٢١، الدر المصون ٦/ ٢٩١، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>