للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: كأكبادِنا، والغُثاء: هو ما يَحْمِلُ السَّيْلُ من نباتٍ قد يَبِسَ، وكلُّ ما يحمله السيلُ على رأس الماء من قَصَبٍ وحشيشٍ وعِيدانِ شجر فهو غُثاء، والمعنى: صَيَّرْناهُمْ هَلْكَى فيَبِسُوا كما يَيْبَسُ الغُثاء من نبتِ الأرض فهُمِدوا، {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١)}: نصب على المصدر؛ أي: أبعدَهم اللَّه بُعْدًا من الرحمة.

قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} "مِنْ" صلةٌ {وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} يعني: متَرادِفينَ يتبَعُ بعضُهم بعضًا. قَرأَ أبو جعفرٍ وابنُ كثير وأبو عَمْرو (١): {تَتْرًى} بالتنوين، على تَوَهُّمِ أنَّ الياءَ أصلية، كما قيل: مِعْزَى -بالياء- ومِعْزًى، فأُجرِيت أحيانًا، وتُرِكَ إجراؤُها أحيانًا (٢)، وقرأ الباقون بغير تنوين مثل: غَضْبَى وسَكْرَى، وهو اسم جمع مثل شَتَّى، وأَمالَهُ حمزةُ والكسائيُّ، وقِرأِ وَرْشٌ بينِ اللَّفظين، وفَتَحه الباقون (٣).

ومن نَوَّنَ وَقَفَ عليها بالألف عِوَضًا من التنوين، ومن لم يُنَوِّنْ وقف عليها بالياء (٤)، ويقال: ليست بياءٍ ولكنّها ألفٌ مُمالة، وأصله: وَتْرَى على


(١) وقد قرأ بالتنوين أيضًا اليزيديُّ وقتادةُ وشيبةُ وابنُ محيصن والشافعيُّ والأعرجُ، ينظر: السبعة ص ٤٤٦، إعراب القراءات السبع ٢/ ٨٩، تفسير القرطبي ١٢/ ١٢٥، البحر المحيط ٦/ ٣٧٦، الإتحاف ٢/ ٢٨٤، ٢٨٥.
(٢) والألف في "مِعْزًى" للإلحاق، وأجاز سيبويه في {تَتْرَى} أن تكون ألفها للإلحاق وأن تكون للتأنيث، فقال: "وكذلك {تَتْرَى} فيها لغتان، وأما مِعْزًى فليس فيها إلّا لغة واحدة: تُنَوَّنُ في النكرة". الكتاب ٣/ ٢١١، وينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٣٦، المقتضب ٣/ ٣٣٨، تهذيب اللغة ١٤/ ٣١١، الصحاح ٢/ ٨٤٣، المخصص ١٣/ ١٥٠.
(٣) قرأ خلف بالإمالة أيضًا، وقرأ الأزرق أيضًا بين اللفظين، ينظر: السبعة ص ٤٤٦، تفسير القرطبي ١٢/ ١٢٥.
(٤) ينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٨٩، ٩٠، معاني القراءات ٢/ ١٩٠ - ١٩٢، الحجة للفارسي ٣/ ١٨٢، ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>