للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَعْلَى": من المواترة، فأُبدِلت الواو تاءً مثلَ: التقوى والشكوى، كما أُبْدِلَتْ في تُراثٍ وتُجاهٍ.

ويجوزُ في قول الفَرّاء (١) أن تقولَ في الرَّفع: تَتْرٌ، وفي الخَفْض: تَتْرٍ، وفي النصب: تَتْرًا، وتكون الألفُ بدلًا من التنوين، فمن نَوَّنَ جَعَله ملحَقًا بجعفر بوزن فَعْلَل، ومن لم يُنَوِّنْ جَعَلها للتأنيث مثلَ: سَكْرَى، فإذا سَمَّيْتَ بـ "تَتْرًى" على مَنْ نَوَّنَ لم تَصرِفْ في المعرفة وصَرَفْتَ في النكرة، وإن سَمَّيْتَ على الوجه الآخَر لم تَصرِفْ في معرفةٍ ولا نكرة (٢)، وهو في موضع نَصْب على الحال، أو على [صفةِ] المصدر.

قال المبرّد (٣): من قَرأ: {تَتْرَى} فهو مثلُ: شكَوْتُ شكوى، ومن قَرأ: {تترًى} فهو مثلُ: شكَوْت شَكْوًى، وعلى القراءتَيْنِ جميعًا التاءُ الأولى بدلٌ من الواو. وأصلها: "وَتْرَى"، و"وَتْرَى": مصدرٌ أو اسم أُقِيمَ مُقامَ الحال؛ لأنّ المعنى: متواترة.

وقوله: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} يريد بالهلاك؛ أي: أهلكنا بعضَهم في إثرِ بعض، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} يعني: مَثَلًا يَتَحدَّث به الناسُ، وهي جَمْع أُحْدُوثةٍ، ويجوز أن يكونَ جَمْعَ حَدِيثٍ (٤)، قال


(١) قال الفراء: "ومنهم من نَوَّنَ فيها، وجعلها أَلِفًا كأَلِفِ الإعراب، فصارت في تَغَيُّرِ واوِها بمنزلة: التُراثِ والتُجاهِ". معاني القرآن ٢/ ٢٣٦.
(٢) من أول قوله: "فمَنْ نَوَّنَ جعله ملحقًا بجعفر" إلى هنا قاله طاهر بن أحمد بنصه في شرح الجمل ١/ ٣٤٣.
(٣) ينظر قول المبرد في معاني القراءات للأزهري ٢/ ١٩٠، تهذيب اللغة ١٤/ ٣١١، الوسيط ٣/ ٢٩٠.
(٤) ذكره سيبويه في باب ما جاء بِناءُ جَمْعِهِ على غير ما يكون في مثله، فقال: "ومثل ذلك: =

<<  <  ج: ص:  >  >>