للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكانُ المرتفع من الأرض، قيل: هي دمشقُ، وقيل: بيتُ المقدِس، وهو أقربُ الأرض إلى السماء بثمانيةَ عشَرَ ميلًا، وقيل: إنّها أرضُ فِلَسطين. وقَرأَ عاصمٌ وابنُ عامر (١): {رَبْوَةٍ} بفتح الراء، والباقون بضمِّها، وقوله: {ذَاتِ قَرَارٍ}؛ أي: مستويةٍ يَسْتَقِرُّ عليها ساكنوها، والمعنى: ذاتِ موضعٍ قَرارٍ {وَمَعِينٍ (٥٠)} يعني: الماءَ الجاريَ الظاهرَ الذي تراه العيون.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ} يعني محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، على مذهب العرب في مخاطبة الواحد مخاطبةَ الجمع (٢)، ويتضمن هذا أن الرسل جميعًا كذا أُمِرُوا (٣)، وقوله: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} يعني: من الحلال الطيب {وَاعْمَلُوا صَالِحًا}؛ أي: كما أمَرَكم اللَّه به، أطيعوه في أمرِه ونَهْيه {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)} لايَخْفَى عَلَيَّ شيءٌ من أعمالكم.

قوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}؛ أي: مِلَّتُكُمْ مِلّةً واحدةً، وهي دِينُ الإسلام، قَرأَ أهل الكوفة: {وَإِنَّ} بكسر الألف: على الابتداء، وقَرأَ ابنُ عامر بفتح الألف وتخفيف النون، جعل {أنْ} صلة، مجازه: وهذه أمتكم (٤)، وقرأ


(١) وهي أيضًا قراءة الحسن والسلمي، وفيها قراءات أخرى، ينظر: السبعة ص ٤٤٦، مختصر ابن خالويه ص ١٠٠، إعراب القراءات السبع ١/ ٩٨، ٩٩، ٢/ ٩١، التيسير ص ٨٣، البحر المحيط ٦/ ٣٧٧.
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٣٧، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٢٩٧.
(٣) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٥.
(٤) ويجوز أن تكون "أَنْ" المخففة عاملة، و"هذه" اسمها، قال الأزهري: "وأما قراءة ابن عامر: {وَإِنَّ هَذِهِ} بفتح الألف ساكنة النون، فإنه خَفَّفَ النونَ وَأَعْمَلَها، فجُعِلَ "هَذِهِ" في موضع النصب، وجائز أن يُجْعَلَ "هَذِهِ" في موضع الرفع إذا خُفِّفَ "أَنْ"، معاني القراءات ٢/ ١٩١، وينظر: الحجة للفارسي ٣/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>