للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأه العامة: {وَيتَّقْهِي} موصولةً بياء، وهو الوجهُ؛ لأنّ ما قبلَ الهاء متحرِّك، وحُكمُها إذا تحرَّك ما قبلَها أن تتبَعَها الياءُ في الوصل.

وَرَوَى قالُونُ (١) عن نافع بكسر الهاء مختلَسةً، ولا يَبْلُغُ بها الياءَ؛ لأنّ حركةَ ما قبلَ الهاء ليست تلزم، ألا ترى أنّ الفعلَ إذا رُفِع فقيل: يتقيه، اختير حذفُ الياء بعد الهاءِ مثلَ: عَلَيْهِ (٢)؟

وقَرأَ أبو عَمْرٍ و وأبو بكرٍ عن عاصم: {وَيَتَّقِهْ} جزمًا، وذلك أنّ ما يلحَقُ هذه الهاءَ من الواو والياء زائدٌ، فرُدَّ إلى الأصل، وحُذِفت الزيادة، وقَرأَ حفصٌ ساكنةَ القاف مكسورةَ الهاءِ مختلَسةً (٣).

قال ابنُ الأنباري (٤): وهو على لغة مَن يقول: لم أَرْ زيدًا، ولم أَشْتَرْ طعامًا، ولم يُبِقْ زيدٌ، فيُسقطونَ الياءَ للجزم، ثم يُسكِّنون الحرفَ الذي قبلَها، ومنه قول الشاعر:


(١) هو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى المدنِي، أبو موسى، راوية نافع المدنِي، وأحد القراء المشهورين، انتهت إليه الرياسة في القراءة والعربية في زمانه بالحجاز، كان أَصَمَّ يُقرأ عليه القرآنُ وهو ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ، توفي سنة (٢٢٠ هـ). [غاية النهاية ١/ ٦١٥ - ٦١٦، الأعلام ٥/ ١١٠].
(٢) من أول قوله: "موصولة بياء وهو الوجه" قاله الفارسي في الحجة ٣/ ٢٠٣.
(٣) وقرأ باختلاس الكسرة أيضًا يعقوبُ وهشامٌ وابنُ ذكوان وأبو جعفر وحفصٌ، وقرأ بإسكان الهاء أيضًا: ابنُ عامر وحمزةُ، ينظر: السبعة ص ٤٥٧، ٤٥٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١١، حجة القراءات ص ٥٠٣، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٩٥، التيسير ص ١٦٣، الإتحاف ٢/ ٣٠١.
(٤) ينظر قوله في الوسيط ٣/ ٣٢٥، ولكن الفارسي قال: "ومثل ذلك في الإسكان قراءة من قرأ: {وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ}، وليس ذلك على نحو ما أنشده أبو زيد:
قالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنا دَقِيقا
لأن ذلك إنما يجوز في الشعر". التكملة للفارسي ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>