للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن اللامُ ما جاز أيضًا إلّا الكسر؛ لأنها مستأنَفةٌ، هذا قولُ جميع النَّحْويِّين (١)، وحُكِيَ عن محمد بن يزيد أنه قال: يجوز الفتح في "إِنَّ" هذه وإن كان بعدَها اللامُ (٢). قال الصفّار (٣): وأظنُّه سهوًا منه.

والحقُّ أنّ اللام لو حُذِفَتْ كان "إنَّ" مكسورةً، نحو: ما قَدِمْتُ عَلَى الأمير إلّا إنه مُكْرِمِي، أي: إلّا وهو مُكْرِمِي حَقًّا، وتقريبُ "إنَّ" بالواو: أَنَّ كليهما يَلِي جملةً مبتدَأةً، والمفتوحة لا يُبْتَدَأُ بها (٤)، قال الشاعر:

٥١ - ما أَعْطَيانِي وَلا سَأَلْتُهُما... إِلّا وإِنِّي لَحاجِزِي كرَمِي (٥)

ولو قال: إلّا وإِنِّي يَصُدُّنِي كَرَمِي لَكَسَرَ أيضًا فافهَمْ.

واللام في الآيةِ والشِّعْرِ جَوابُ القَسَمِ، أي: إِلّا إِنَّهُمْ -واللَّهِ- لَيَأْكُلُونَ، وحذفت الواو في الآية كقول الشاعر:


(١) ينظر في هذه المسألة: الكتاب ٣/ ١٤٥، ١٤٦، معاني القرآن للفرَّاء ١/ ٤٤٢، ٢/ ٢٦٤، معاني القرآن للأخفش ص ١٠٨، ١٠٩، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٦٢، إعراب القرآن ٣/ ١٥٥، المسائل المنثورة ص ٢٣٦ - ٢٣٨ وغيرها.
(٢) قال المبرد بذلك في المقتضب ٢/ ٣٤٣ وما بعدها، في باب "إنَّ" إذا دخلت اللام في خبرها، وهذه الحكاية حكاها النَّحاس عن الأخفش الأصغر عن المبرد في إعراب القرآن ٣/ ١٥٥، وينظر أيضًا: الفريد للمنتجب الهمداني ٣/ ٦٢٧.
(٣) يعني أبا جعفر النَّحاس، وانظر: إعراب القرآن ٣/ ١٥٥
(٤) قاله سيبويه في الكتاب ٣/ ١٤٥، ١٤٦، وينظر: المقتضب للمبرد ٢/ ٣٤٥، والأصول لابن السراج ١/ ٢٦٤، ٢٧٤.
(٥) البيت من المنسرح، لكثير عزة يمدح بعض بني مروان، ويروى: "ما أنطَيانِي" بالنون.
التخريج: ديوانه ص ٢٧٣، الكتاب ٣/ ١٤٥، معاني القرآن للأخفش ص ١٠٨، المقتضب ٢/ ٣٤٥، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٦٢، المسائل المنثورة ص ٢٣٧، شرح التسهيل لابن مالك ٢/ ١٩، ارتشاف الضرب ص ١٦٠٤، المقاصد النحوية ٢/ ٣٠٨، همع الهوامع ٢/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>