للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) أي: فأَرْسِلْ معي هارونَ، {إِلَى} بمعنى: "مَعَ"، كقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (١)؛ أي: مع أموالكم (٢)، وقيل (٣): معناه: فأرسِلْ إلى هارونَ جبريلَ ليكون معي معينًا، وليؤازرَني ويظاهرَني على تبليغ الرسالة، وهذا كقول الرجل: إذا نزلتْ بِي نازلةٌ أرسلتُ إليكَ لِتُعِينَنِي.

قوله: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}؛ أي: عندي (٤) {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤)} يريد: بالقتيل الذي قَتَلَهُ منهم، واسمُه: فاتونُ (٥)، وهو خَبّازُ فرعون، {قَالَ كَلَّا} لن يقتلوك به؛ لأنِّي لن أسلِّطَهم عليك، {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)} أي: سامعون ما يقولون وما تُجابُونَ، وإنما أراد اللَّهُ تقويةَ قلوبهما، وإخبارَهُما أنهما بِعَيْيهِ وحِفْظِهِ، وإنما قال: {مَعَكُمْ} وهما اثنان؛ لأنه على مَذْهَبِ مَن يجعلُ الاثنَيْنِ جماعةً؛ لأنّ معنى الجَمْع ضَمُّ شيءٍ إلى شيءٍ، فالاثنانِ فما فوقَهما جماعة، كقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٦).

قوله: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) ولم يقل: رَسُولَا؛


(١) النساء ٢.
(٢) قاله الفرَّاء والأخفش وابن قتيبة، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ١/ ٢١٨، معاني القرآن للأخفش ص ٤٦، أدب الكاتب ص ٤٠٩، ٤١٠، تأويل مشكل القرآن ص ٥٧١، وينظر أيضًا: الصاحبي ص ١٧٩.
(٣) يعني أنه على حذف المفعول، قاله الفرَّاء والزمخشري، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٢٧٨، الكشاف للزمخشري ٣/ ١٠٦.
(٤) يعني أن "عَلَى" بمعنى "عِنْدَ"، وهو قول أبِي عبيدة وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٨٤، تأويل مشكل القرآن ص ٥٧٨، تفسير غريب القرآن ص ٣١٦.
(٥) فاتونُ بالتاء، ذكره الفيروزآبادي في القاموس المحيط: فتن، وينظر: تاج العروس: فتن.
(٦) التحريم ٤، وينظر في ذلك: الكتاب ٣/ ٦٢١، ٦٢٢، معاني القرآن للأخفش ص ٢٢٩، ٢٣٠، معاني القرآن للنَّحاس ٥/ ٦٧، الفريد للمنتجب الهمداني ٣/ ٦٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>