للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدٍّ، لالتبس الاستفهامُ بالخبر، وأنشد الفراء (١):

٨٣ - آلْحَقُّ إِنْ دارُ الرَّبابِ تباعَدَتْ... أوِ انْبَتَّ حَبْلٌ أنَّ قلبَكَ طائِرُ (٢)

وقوله: {أَمّا تُشْركُونَ (٥٩)} محَلُّه: رفع عطف على {آللَّهُ}، وهو جواب استفهام {آللَّهُ}، أو {أَمْ} بمعنى: ألف الاستفهام؛ أي: أهو خيرٌ أم ما تشركون؟، وكذلك في سائر الآيات.

ومعنى الآية: آللَّهُ الذي صنع هذه الأشياءَ خيرٌ أم ما تشركون يا أهل مكة من الأصنام؟ أي: آللَّه خير لِمَن عَبَدَهُ أم الأصنامُ لِعُبّادِها؟ وهذا إلزامٌ بالحجة على المشركين.

قرأ عاصم وأهل البصرة: {يُشْرِكُونَ} بالياء، وقرأ الباقون بالتاء (٣)، ولا خلاف في الثانِي أنه بالياء (٤)، وكان النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قرأ هذه الآية قال: "بل اللَّهُ خَيْرٌ وأبقى وأَجَلُّ وأَكْرَمُ" (٥).


(١) إنشاد الفرَّاء حكاه ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ١٩٣، وليس البيت في معاني القرآن للفرَّاء.
(٢) البيت من الطويل، لعمر بن أَبي ربيعة، ونُسِبَ لجميل بثينة، ولكُثَيِّرِ عَزّةَ، وهو في دواوينهم، وروايته في ديوان عمر:
أَحَقًّا لَئِنْ دارُ الرَّبابِ تَباعَدَتْ
اللغة: انْبَتَّ: انقطع، طار القلب: فَزِعَ وذُعِرَ.
التخريج: ديوان عمر بن أبي ربيعة ١/ ١٢٤، ديوان جميل بثينة ص ٤٧، ديوان كثير عزة ص ١٣١، الكتاب ٣/ ١٣٦، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٤٦٧، خزانة الأدب ١٠/ ٢٧٧.
(٣) ينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ١٥٩، حجة القراءات ص ٥٣٣، البحر المحيط ٧/ ٨٤، الإتحاف ٢/ ٣٣٢.
(٤) يعني قوله تعالى: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، على أن أبا حيان نَصَّ على أن بعضهم قرأ: {تُشْرِكُونَ} بالتاء، ينظر: البحر المحيط ٧/ ٨٦.
(٥) ينظر: الكشاف ٣/ ١٥٤، عين المعاني ورقة ٩٧/ أ، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>