للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا} يعني: الآخرة {بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٦٦) أي: جَهَلةٌ، واحدُهم: عَمٍ، وهو الأعمى القلبِ.

قوله تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ (٧٢) أي: دَنا وقَرُبَ لكم، وقيل: تَبِعَكُمْ وجاء بعدكم، وقيل: حَضَرَكُم، ويقال (١): رَدِفْتُ الرَّجُلَ وأَرْدَفْتُهُ: إِذا رَكِبْتَ خَلْفَهُ، والمعنى: رَدِفَكُمْ، فأَدخل اللام فيه كما أُدخل فِي قوله: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (٢) و {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (٣)، وقال الفراء (٤): اللام صلة زائدة كما تقول: نَفَذْتُهُ مِائةً، ونَفَذْتُ لَهُ مِائةً.

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ}؛ أي: مكتومِ سِرٍّ وخفيِّ أمرٍ {فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥)} إلّا وهو بَيِّنٌ فِي اللوح المحفوظ، وإنما أدخل الهاء فِي {غَائِبَةٍ} على الإشارة إلى الجمع فِي السماء والأرض (٥).

قوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}؛ أي: فثِقْ يا محمدُ باللَّه، وذلك حين دُعِيَ


(١) حكاه ثعلبٌ عن ابن الأعرابي، وحكاه أبو عبيد عن أبي زيد، ذكر ذلك الأزهري في تهذيب اللغة ١٤/ ٩٦.
(٢) الأعراف ١٥٤.
(٣) يوسف ٤٣، يعني أن اللام زائدة لتقوية الفعل الذي ضعف عن العمل، قاله الأخفش في معاني القرآن ص ٤٣١، وينظر: أسرار العربية ص ٢١٠، التبيان للعكبري ص ٧٣٣، مغني اللبيب ص ٢٨٦.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٢٩٩، ٣٠٠، وأجاز الفرَّاء أيضًا أن يكون "رَدِفَ" ضُمِّنَ معنى دَنا وقَرُبَ، وهذا ما ذهب إليه البصريون، وفي الآية أوجه أخرى تنظر في الفريد للهمداني ٣/ ٦٩٥، البحر المحيط ٧/ ٩٠، الدر المصون ٥/ ٣٢٦.
(٥) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ٢٢٢، وينظر: الكشاف ٣/ ١٥٩، الفريد للهمداني ٣/ ٦٩٦، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>