للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزِينَتَهَا} يعني: زهرتها، {فَتَعَالَيْنَ} هو من العُلُوِّ، وأصله من الارتفاع، ولكن كَثُرَ استعماله حتى استعمل فِي معنى: انزل، فيقال للمُتَعالِي: تَعالَ، بمعنى: انْزِلْ، وهما جَزْمانِ على الأمر وجوابِهِ.

والمراد بالآية أزواجُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أنّ أُمَّ سَلَمةَ بنتَ أبي أُميّة سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سِتْرًا مُعْلَمًا (١)، فَلَمْ يَقْدِرْ عليه، وسألته سَوْدةُ بنت زَمْعةَ قَطِيفةً خَيْبَرِيّةً، فلم يقدر عليها، وسألته ميمونة بنت الحارث الهلالية قطيفةً يمانيّةً، فلم يقدر عليها، وسألته زينب بنت جحشٍ الأسديّة ثوبًا مُمَصَّرًا، وهو البُرْدُ المُخَطُّطُ، فلم يقدر عليه، وسألته أم حبيبة بنت أبِي سفيان ثوبًا سَحُولِيًّا (٢)، فلم يقدر عليه، وسألته حفصة بنت عمر ثوبًا من ثياب مصر، فلم يقدر عليه، وسألته جويرية بنت الحارث المصطلقية مِعْجَرًا (٣) ومِنْطَقةً، فلم يقدر عليهما، فَغَمَّهُ ذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فَأمْسَكْنَ عن المسألة (٤)، وقوله: {أُمَتِّعْكُنَّ} يعني: مُتْعةَ الطلاق، وقد ذكرناها في سورة البقرة (٥).

قوله: {وَأُسَرِّحْكُنَّ} يعني به الطلاق {سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)} من غير إضرارٍ، قال قتادة والحسن: أمَرَ اللَّهُ رسولَهُ أن يُخَيِّرَ أزواجَهُ بين الدنيا والآخرة والجَنّة والنّار، فنَزَلَتْ هذه الآية.


(١) العَلَمُ: رَسْمُ الثَّوْبِ، والثَّوبُ المُعْلَمُ: المَرْسُومُ. اللسان: علم.
(٢) ثوب سَحُولِيٌّ: أبيض، وهو نوع من ثياب اليمن، منسوب إلى قرية باليمن تسمى سَحُولَ، أو إلى القَصّارِ لأنه يَسْحَلُها أي: يَغْسِلُها، ويجوز ضم السين على أنه جمع سَحْلٍ وهو الثوب الأبيض. اللسان: سحل.
(٣) المِعْجَرُ: نوع من ثياب اليمن تلتف المرأة به. اللسان: عجر.
(٤) ينظر: زاد المسير ٦/ ٣٧٦، التبيان للطوسي ٨/ ٣٣٤، عين المعانِي ورقة ١٠٣/ ب.
(٥) يعني قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦]، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>